يتبين من نيتانياهو جانبٌ مهمٌ فى شخصيته، خلال هذه الأيام، فقد كان أول رد فعل له، عقب إعلان خبر المفاوضات السرية التى يجريها ممثل لترامب بالدوحة مع مسئول كبير فى حركة حماس، مشحوناً بغضب وعصبية، بعبارات حادة تُنسَب عادة فى الإعلام الإسرائيلى إلى مصدر عليم بمجلس الوزراء، وكان هذا متطابقاً مع تصريحات كل وزراء حكومته، ومعهم رموز المعارضة، الذين عجزوا جميعاً عن أن يداروا إحساسَهم بغدر إدارة ترامب لأنها تَعمَّدت إقصاء إسرائيل من المشاركة فى هذه المفاوضات، فيما تعتبره كل فصائل إسرائيل من أخص خصوصياتها، وهو ما دأبت كل الإدارات الأمريكية على الأخذ بمنطق إسرائيل، إلى أن كانت واقعة ترامب الأخيرة بالدوحة.
ولكن سرعان ما انتبه نيتانياهو إلى أن إعلانَه الغضب من أمريكا يُضعِف موقفَه أمام الرأى العام الإسرائيلى، ليس فقط لإقراره بخطأ توقعه لسياسات ترامب، ولكن الأهم فى أنه يعترف بأن ترامب يُقصيه فى مثل هذه التفاصيل المهمة لإسرائيل، وهو ما يُفقده أهم أوراقه التى يسعى لترسيخها لدى الجميع، فَغَيَّر موقفه تماماً، وراح يسعى للتغطية على الحقيقة المُرَّة التى صدمته بعمق لاستبعاده بهذه الطريقة التى تشكك فى أن له الوزن الذى دأب على أن يقنع به جمهوره ومعارضيه ودول الجوار، فتكررت تصريحاته، خلال الأيام القليلة الماضية، بأنه على علم بكل تفاصيل وتطورات المفاوضات، وأن إدارة ترامب لا تتأخر فى إبلاغه بكل شيء! ولكن، وكما ترى، فإن هذا لا ينفى حقيقة أن هناك تغيراً لا يستهان به فى سياسة ترامب من إسرائيل، أو على الأقل من نيتانياهو شخصياً.
بمراجعة شريط تصريحات ترامب المتدفقة، يظهر بوضوح أحد أسباب أزمة نيتانياهو الشخصية، فقد ظل ترامب يعلن أنه على (حماس) أن تُفرِج فوراً عن كل الأسرى، وإلا فسوف تُواجَه بالجحيم! ثم اتضح أن ممثل ترامب يجرى مع حماس، فى نفس الوقت، مفاوضات سرية هى أبعد ما تكون عن (الإفراج الفورى عن جميع الأسرى، وعن التهديد بالجحيم)! وهذا يعنى أن (حماس) كانت على يقين بخديعة التهديد بالجحيم، فى حين كان نيتانياهو موهوماً بصحته!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: