فاجأنا الرئيس الأمريكى دونالد ترامب باقتراحه تحويل قطاع غزة إلى «ريفيرا» اقتصادية على البحر المتوسط ونحن لم نصل بعد إلى وقت نهائى للقتال، أو انسحاب كلى لدولة الاحتلال الإسرائيلى، أى أن الأمريكيين مهتمون بإعمار غزة، والمفاجأة أن الإعلان جاء بعد لقاء نيتانياهو فى المكان والزمان الخاطئين، ولا أحد يمانع فى ذلك إذا حَسُنت النيات، وتم احترام العدالة، وحقوق أهل غزة، وأن يتم ذلك لمصلحة أهلها، وليس إسرائيل فقط، بل لمصلحة جميع الفلسطينيين، ودولتهم، وأهل غزة، أصحاب الأرض، وليس تهجيرهم.
إن طرح ترامب لا يخلو من الغرابة، ولكنه لا يبعد عن الاهتمام إذا كان منصبا على القضية الفلسطينية، ومستقبلها، وإذا اعترف بمأساة أهل غزة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، ويجب أن نأخذه من هذا المنظور، ونتحاور مع صاحبه بهذا المنهج الحقوقى، وللحقيقة فقد فهم العالم كله، وسار فى هذا المنوال، ومع هذا الاتجاه (غزة والضفة الغربية جزء من الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 وحتى الآن)، وإذا تم شىء على هذه الأراضى فهو لمصلحة أهلها، وتعويضهم عن تدمير غزة، وإبادة أهلها.
إننى أثمن عاليا الاقتراح المصرى (إعمار غزة)، والمصريون قادرون بالتعاون الإقليمى، والعربى، والعالمى على تعمير القطاع وأهله به، وداخله، ولكننا يجب أن نضمن أن الحرب الأخيرة هى آخر الحروب على غزة، فلا يمكن التعمير من دون حفظ الأمن، وإحكامه، وهذا لن يتحقق من دون أن يحصل الفلسطينيون على جواز سفر دولة فلسطين، وهوية الدولة المرتقبة منذ عام 1948- حسب قرار التقسيم الذى أصدرته الأمم المتحدة، والذى بعده جرت فى النهر، وتحت المسار اتفاقيات سلام، حيث اعترفت السلطة الفلسطينية بإسرائيل، والإسرائيليون لم يكملوا المسار، ولم يعترفوا بفلسطين كدولة، واكتفوا بالاعتراف بالسلطة الموجودة فى رام الله. وأخيرا، يبدوا واضحا أن أمامنا 4 سنوات على الأرجح غير عادية، فالرئيس الأمريكى شخصية لا يمكن التنبؤ بها، فإذا كانت الأيام الأولى من حكمه هكذا مع أوروبا، والأمريكيين، وبنما، وجرينلاند، وكندا ثم مع الشرق الأوسط، والمنطقة العربية، فيجب أن نتوقع أن القادم سيكون أخطر، ويجب أن نستعد له، ونتحاور حوله، فليس هناك «مُسَلّمات»، بل فرص، ومخاطر جمة، ومخاوف كبيرة.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: