رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

لا عودة لديليسبس .. ولا تضليل للوعى والتاريخ

من المدهشات فى أمر الرغبات المحمومة لإعادة تمثال النصاب ديليسبس أن حطام تمثاله ومنذ تفجيره وإسقاطه ظل مهملا ولسنوات طويلة فى مخازن هيئة القناة والى أن قامت الهيئة بإخراجه وترميمه لوضعه فى متحف القناة بالإسماعيلية ومعه جميع الوثائق الخاصة بالقناة التى تواصلت الهيئة مع فرنسا لاسترجاعها، وكانت الشركة الفرنسية أخذت معها هذه الوثائق بعد تأميم الرئيس جمال عبدالناصر للقناة وأعادتها بعد أكثر من تسعين عاما لأبنائها وللإدارة الوطنية المصرية لها والتى أثق كل الثقة فى قرارها الوطنى العارف بالتاريخ الاستعمارى والاستغلال والنهب الفرنسى للقناة، وان إعادة تمثال النصاب ديليسبس ليس ألا لتكريس وإحياء التاريخ الأسود لنفوذ وسيطرة الشركة الفرنسية وأوهام أن لأبنائهم وأحفادهم حقوقا فيها ولحماية وعى أجيالنا الشابة والصغيرة من التشوه والتضليل، كما يحدث الآن لمن يطالبون بإعادة التمثال المهين وتكريمه فى مدخل قناتنا.

وأعود لأؤكد ثقتى الكاملة فى التوجهات النهائية والقاطعة لبلادى ولهيئة قناة السويس برفض أى رموز تهين نضال المصريين خاصة أبناء مدن القناة وفى مقدمتهم أبناء مدينتى الباسلة بورسعيد وأن وضع تمثال لنصاب وخائن وكاذب مات فى بلاده محكوما عليه بالسجن فى جريمة فساد بقناة بنما لن يكون إلا فى المتحف الذى أقيم بالإسماعيلية، ليضم كل ما يتعلق بتاريخ القناة منذ فكر فى حفرها أجدادنا قدماء المصريين وقد قرأت ما نشر من بعض من زاروا الإسماعيلية منذ أيام قليلة وكتبوا أنهم لم يجدوا تمثال الأفاق ديليسبس، فى بيته وبالاستقصاء من مصادر موثوق بها عرفت أن وزن التمثال 17 طنا وطوله 7.5 متر قد جعل من المستحيل وضعه فى بيته فوضع بالمتحف الوطنى الملاصق لبيته والذى تم الاحتفاظ فيه بجميع مقتنياته وكل ما كان يستخدمه من أثاث للإقامة فيه، أما ما تحول إلى فندق فهو ملحق صغير مكون من مجموعة من الحجرات أعده ديليسبس لإقامة زوار القناة منذ افتتاحها 1869 وقامت هيئه القناة بإجراء الترميمات اللازمة لهذا المبنى الصغير وأبقت عليه ليقوم بالغرض الذى انشئ من أجله.

وأعود لأؤكد المؤكد وما كنت أثق دائما فى حدوثه من موقف يضع نهاية للعبث وصناعة فتنة وتمزيق للاصطفاف الذى تفرضه الأحداث الخطيرة التى تستهدفنا داخليا وخارجيا، وتشغلنا عن التركيز على ما يدعم قوانا الذاتية وما نمتلك من مقومات للاستغناء والاعتماد على الذات وسط ما تمر به الإنسانية من تعاظم للبغى والعدوان وانهيار للمؤسسات الأممية والقوانين الدولية حتى وصل الأمر إلى إدانة الطاغوت الامريكى للجنائية الدولية لقراراتها باعتقال زعماء العصابة الصهيونية التى ارتكبت أبشع جرائم الإبادة الجماعية فى غزة والضفة الغربية وتتمدد فى لبنان وسوريا، وتنشر خرائط باسم إسرائيل الكبرى تجترئ فيها بضم أجزاء من بعض الدول العربية، وكم يبدو مؤسفا ومخجلا أن نترك الالتفات الى هذه المخططات والأخذ بأسباب مواجهتها لننشغل ونشتبك حول إعادة تمثال لرمز من أسوأ رموز احتلال واستغلال بلادنا تمثال النصاب والخائن ديليسبس الى مدخل قناتنا ،وأعتز بأننى كنت من أوائل الرافضين ومن قدموا ووثقوا أدلة إدانته وما يمثله عودة تمثاله من إهانة لتاريخ نضالنا ودماء شهدائنا وتضليل لوعى أجيالنا الذين كنا نعلمهم فى مدارسنا أن من جرائمه خيانته وخداعه لعرابى مما أتاح للإنجليز عبور القناة واحتلال بلادنا كما جاء فى الكتاب الذى أصدرته هيئة الاستعلامات ووزارة الإعلام بعنوان «نظرات على انتصارات العسكرية الوطنية المصرية» علاوة على إسقاط التاريخ الأسود وما ارتكبه الانجليز والفرنسيون من جرائم فى بلادنا وكشف ما وراء المحاولات المسعورة للعودة لاحتلال مصر، وإعادة سيطرتهم ونفوذهم على القناة والتى كلما فشلت محاولة تتجدد فى محاولة أخرى، بما يدل إما على فداحة الجهل بجرائم وآثام احتلالنا ونهب ثروات بلادنا أو الطمع فى مكاسب رخيصة مهما عظمت وعد بها من يستطيعون إعادة التمثال المهين لمدخل قناتنا.

ومن المضحكات المبكيات فيما قيل من مكاسب أنها ستجعل بورسعيد مقصدا لسياح هذه المدينة العظيمة بتاريخها النضالى وشواطئ بحرها وقناتها ونسقها العمرانى الذى اذكر من سنوات طفولتى كيف كان يمتزج فيها طابع عماراتنا الشرقية مع طابع مدن البحر الأوروبية ... ولم يكن عندى شك فى أن رفض إعادة تمثال النصاب ديليسبس ستتحول الى قضية تهم جميع المصريين وكرامتهم الوطنية ورفضهم لكل ما يكرس رموز وجرائم احتلال بلدهم، ولن يظل يهتم بها أبناء بورسعيد وحدهم وكان من أهم من كتبوا رفضا لعودة التمثال كاتبنا الكبير عبدالمحسن سلامة فى عموده اليومى المهم على صفحات «الأهرام» وأيضا ما كتبه المفكر الكبير ووزير التموين الأسبق .د. جودة عبدالخالق فى «الأهالى» 15 يناير الحالى بعنوان حكم التاريخ بين الفلاح وديليسبس وأيد العالم الكبير .د. سيد البنهاوى الأستاذ بمركز البحوث الزراعية عمل اكتتاب شعبى يشارك فيه المصريون فى دفع تكاليف إقامة التمثال الذى يوضع على مدخل القناة للفلاحين الذين استشهدوا فى حفرها وأدعو وزير الثقافة للدعوة لمسابقة كبرى بين مبدعينا العظام من سلالة المصريين القدماء أعظم من أبدعوا فنون النحت لعمل التمثال، الذى يوضع على مدخل القناة ويكون خير تكريم وأحياء لذكرى من حفروها وأن يوضع بجانب التمثال لوحة تحفظ تاريخ إسقاطه فى 24 ديسمبر 1956، وهو اليوم التالى لانتصار المقاومة الشعبية من أبناء بورسعيد والفدائيين ورموز القوات المسلحة على جيوش العدوان الثلاثى وخروج آخر جنودهم من ميناء بورسعيد 23 ديسمبر 1956، والذى أصبح عيدا لنصر مصر كلها .. وأعيد السؤال هل نعيد التمثال المهين ونعتذر عن نضالنا وانتصارنا على العدوان الثلاثي؟!


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: