رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

مصر ومعايير الدولة الحديثة

عندما تتعرض الدول لأزمات اقتصادية، نتيجة ظروف داخلية وخارجية غير متوقعة، تستخدم سلاحا وحيدا تلجأ إليه؛ من أجل الخروج من عنق الزجاجة، والعودة بالأمور إلى طبيعتها، وهو سلاح التخطيط بشكل جيد، واتخاذ بعض الإجراءات والقرارات والخطوات التى تسهم فى الحد من تأثيرات هذه الأزمات، أو على الأقل الخروج إلى بر الأمان بأقل الأضرار، لتحقيق الاستقرار الاقتصادى المنشود.
 
 وفى ظنى أن الحكومة المصرية تتسلح بمعرفة شاملة عن إدارة الأزمات الاقتصادية، بالإضافة إلى خبرات كبيرة وطويلة، فى التعامل مع معوقات من قبيل نقص التمويل، أو قلة الموارد، أو ركود اقتصادى بشكل عام، نتيجة صراعات أو حروب إقليمية أو دولية، أو تفشى أوبئة، وهو ما يتطلب إطلاق برامج تحفيز؛ لإنقاذ الموقف فى أسرع وقت ممكن، للسيطرة على الأمور، وتخفيف الآثار الجانبية، واستيعاب الصدمة، والحفاظ على استمرار دوران تروس محركات الاقتصاد وعدم توقفها.
 
ويدرك الاقتصاديون أن السياسات الاقتصادية الجديدة قد ينتج عنها أزمات اجتماعية وبطالة، ولكنها غالبا تكون مؤقتة، ويبقى الأمل فى تحقيق النمو على المدى الطويل، ومن هنا وضعت مصر برنامجا ضخما للانطلاق بمعايير الدولة الحديثة، التى تقدم خدمة ومستوى معيشيا مناسبا للمواطنين، وليس هناك من دليل على نجاح الدولة المصرية فى التعامل مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة فى السنوات الأربع الأخيرة من إشادة صندوق النقد الدولى بمسار الإصلاح الاقتصادي، فى ظل فقدان مليارات الدولار من عائدات قناة السويس، واشتعال الإقليم.
 
 وبرؤية الزعيم العالم ببواطن الأمور، وتقدير القائد الذى لا يتجاهل لغة الأرقام، وصدق الرئيس الذى يسعى لأن يقدم الأفضل لشعبه، فتح الرئيس عبدالفتاح السيسى قلبه، لطلاب الأكاديمية العسكرية المصرية، لا لشيء إلا ليبعث برسائل الطمأنينة، ويشرك المصريين فى كل ما يدور، واستعرض حجم التحديات والمشكلات التى تعرضت لها الدولة خلال الأعوام العشرة الماضية بدءا من أعوام 2011 و2012 و2013، وهو ما كان له كلفة، حتى إن الاحتياطى النقدى فى البنك المركزى نفد، خلال عامى 2011 و2012، بما يعنى أنه لا رصيد يكفى الاحتياجات لشهور آنذاك.
 
وللحق أقول إننا عشنا سنوات عشراً من العمل المتواصل، ولم يبخل أحد فى تقديم أقصى ما لديه، وهى ليست كما يصور الصائدون فى الماء العكر الموقف، للتقليل من حجم الإنجازات، ليست مختزلة فى شبكة الطرق فقط، وإن كانت هذه أيضا من معايير بناء الدولة الحديثة، وتساهم فى تخفيف الضغط على القاهرة الكبرى، التى كان يمكن أن تتحول إلى «جراج» كبير.
 

الدول ذات الحضارات العريقة تتميز بقدرتها الراسخة على الاستجابة للتحديات مهما كبرت
 
وبملء الفم أقول إن الدولة نجحت فى تنفيذ خطة شاملة لإنتاج الطاقة، ولعلى لا أبالغ إذا قلت للذين يرون غير ذلك، عليكم بالعودة إلى سنوات قليلة مرت، كنا نعانى فيها من أزمات فى محطات إنتاج الكهرباء، نتيجة أنه لم يكن لدينا محطات تفى بالإنتاج، وعدم وجود شبكة بالكفاءة المطلوبة لنقل هذا الإنتاج، ومحطات تحكم إلكترونية لتنظيم أداء الشبكة.
 
ويرى معى كثيرون أن عجلة التنمية توقفت لسنوات طويلة، ولكنها عادت فى السنوات الأخيرة لتدور بأقصى سرعة، من أجل الانطلاق نحو مستقبل أفضل، وهو ما أطلق عليه الرئيس السيسى «تأهيل وإعداد بنية للدولة، تستطيع من خلاله أن تتفاعل وتتعامل مع التنمية على مستوى دول نامية، وليست دولاً متخلفة.. والمصريون لا يرون تراجعا للأسعار بشكل يريحهم، وذلك بسبب أننا قمنا - خلال العشر سنوات الماضية- بجهد فى بناء قدرة دولة صوب الانطلاق».
 
وشرح الرئيس السيسى للطلاب، والشعب، «برنامج الانطلاق للدولة»، والذى يتضمن البنية الأساسية والكهرباء والمياه والطرق والمشروعات الزراعية، فى حرب مع تعداد سكانى زاد بنحو 27 مليون نسمة، وموارد قليلة، تتطلب العمل المتواصل وتقليل الإنفاق، إضافة لإنجازات أخرى تتمثل فى تشييد مدينة العلمين الجديدة، وإقامة 24 مدينة جديدة، إلى جانب العاصمة الإدارية والحى الحكومي، والتى لولاها ما توافرت فرص عمل للمواطنين، لمواجهة حجم البطالة الذى تراجع ليتراوح ما بين 6.7% إلى 6.9%، ومع ذلك تم منح الفرصة للمستثمرين والقطاع الخاص، وتوطين صناعات مختلفة لتوفير موارد دولارية تحسن الوضع الاقتصادى، وتقلل تكلفة المعيشة، وهو ما يسير بالتوازى مع ما تم إنجازه فى قطاعات التعليم والصحة والموانى والمطارات والبنية التشريعية والنظام البنكي.
 
أبدا ليس هناك تقصير من جانب الدولة، بل على العكس تماما، تفانى الجميع فى عملهم، والكل يقدر حجم المسئولية، بل إن الشركات المصرية انخرطت فى العديد من المشروعات فى مجالات الطاقة والطرق والكبارى والموانئ والأنفاق والنقل والسكك الحديدية داخل مصر وخارجها.
 
إن الدولة المصرية، لم تترك طريقا إلى التنمية المستدامة، إلا وطرقته بكل جرأة فى سباق مع الزمن، وفى صراع مع ظروف قاسية، ما بين توتر إقليمي، وعدم استقرار فى دول الجوار، ولكنها استطاعت أن تحقق إنجازات على مسارات عدة، إضافة إلى الدور المحورى فى التحديات الإقليمية، وجهود إيقاف حرب غزة التى دخلت الشهر السادس عشر.
 
وأستطيع أن أقول إن حجم ما تم تحقيقه من إنجازات فى جميع القطاعات خلال السنوات الأخيرة، دون كلل أو ملل أو يأس مما يدور فى العالم، وما نراه من سقوط دول يتقاتل أهلها دون أمل فى عودة قريبة ولا حتى بعيدة، بعد أن نجح أعداؤها فى بث الفرقة والانقسام فى دهاليزها،كل هذا يتطلب منا –كمصريين- أن نعى تلك الدروس جيدا، وأن نستوعبها بكل ثقة، وأن نكون حريصين على بلدنا، الذى بدأ يأخذ مساره فى منطقة مختلفة تماما عما كان عليه فى الماضي، وليس مطلوبا أكثر من أن نظل متماسكين، ونقف يدا واحدة، ونحن على ثقة لا تنتهى فى القيادة التى آلت على نفسها، إلا أن تأخذ مصر مكانتها ومكانها الذى يليق بها بين الدول المتقدمة، وهذا طلب لا يمكن الوفاء به، دون استقرار، يفتح الطريق أمام مواصلة السير نحو الجمهورية الجديدة، بكل ما تعنى الكلمة من حياة عصرية كريمة.
 
 
  • إن الدولة المصرية لم تترك طريقا إلى التنمية المستدامة، إلا وطرقته بكل جرأة فى سباق مع الزمن، وفى صراع مع ظروف قاسية، ما بين توتر إقليمي، وعدم استقرار فى دول الجوار، ولكنها استطاعت أن تحقق إنجازات على مسارات عدة
 
[email protected]
لمزيد من مقالات ماجد منير يكتب:

رابط دائم: