عندما يموت إنسانٌ مريضٌ على يد اثنين من المشعوذين عالجاه بطريقتهما المبتكرة، بضربه ضرباً مُبَرِّحاً ليخرجا جِنْيّاً من جسده(!)، فهذا دركٌ مخيفٌ معبأ بأخطار، يَدُقّ أجراساً مدوية ينبغى أن تستيقظ لها جهاتٌ معنية كثيرة فى المجتمع، ومجموعاتٌ كثيرة من أهل الاختصاص، وآخرون من المهمومين بعلاج التخلف ويأملون فى الانتصار على الشعوذة وفى نشر المنهج العلمى فى الحياة، وقطاعاتٌ عريضة من الرأى العام صدمها خبر الموت بهذه البشاعة! وحتى قبل أن تُعلَن حيثيات الحكم، الذى قَضَت به محكمة جنايات قنا هذا الأسبوع، بالسجن عاميْن على المشعوذيْن الاثنيْن، وحتى قبل معرفة تقرير الطب الشرعى الذى يُبَيِّن طبيعةَ الإصابات المتوحشة التى أفضت إلى الموت، فهناك بعض الملاحظات والأسئلة التى تَفرِض نفسها بإلحاح، لأن المسئولية عن الموت، فى هذه الواقعة، لا تقع فقط على المشعوذين الاثنين، ولكن يشارك فيها الضحية أيضاً، الذى لجأ عن اقتناع إليهما، وتقبل بالرضا أن الضرب علاجٌ لحالته، وخضع للضرب وتحمل حتى لقى مصرعه! وربما يكون هناك أيضاً شهود للواقعة كانوا على يقين من صحة ما يشهدونه! كما يمكن إشراك جهات كثيرة فى المسئولية ولأنهم لم يقوموا بما كانت تفترض مسئوليتهم الوظيفية أن يقوموا به، لأنه يُناط بهم قانوناً ملاحقة المشعوذين والقبض عليهم لممارستهم نشاطاً يُجَرِّمه القانون، ولا يمكن لهذه الجهات أن تتعلل بصعوبة معرفة المشعوذين والتوصل إليهم، لأن ضحايا المشعوذين يعرفون أنشطتهم وعناوينهم ومواعيدهم، فكيف تغفل الجهات المسئولة عن مكافحتهم عن هذه المعلومات؟
المُرَجَّح أن المشعوذين الاثنين، فى هذه الواقعة، يؤمنان بصحة وجدوى مايفعلان، وإلا لكانا خططا، مثلما يفعل النصابون، أى بالاكتفاء بتحصيل الأموال من الضحية، وتجنبا أن يقعا فى مسئولية جريمة قتل. وهذا يدعو إلى البحث عن مراجعهم المعلوماتية، وكشفها للرأى العام. كما أن المُرَجَّح أيضاً، ما دام أن الضحية ذهب إليهما طواعية، ودون أن يُوقِع به أحد، بدلاً من أن يلجأ للطب والأطباء، كما أنه تَقَبَّل وتَحَمَّل أن يخضع لعلاجهما بالضرب المميت، لأنه موقن بجدوى ما تَعَرَّض له، فمن أى مصادر تَكَوَّن له هذا اليقين؟
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: