أهم ملاحظة على اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان هشاشته وقابليته للانهيار، وللعودة للحرب مجددا، إذا لم تلتزم إسرائيل بالانسحاب الكامل من لبنان بحد أقصى 60 يوما. وهذا أمر وارد بقوة لأن إسرائيل لن تعدم أسبابا تبرر عدم انسحابها وتجيز إطلاقها ماكينة القتل والتدمير! وكان أول من أدرك هذه الخطورة سكانُ المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لحدود لبنان، فرفضوا العودة بعد الاتفاق إلى مساكنهم، لأنهم كانوا فَرّوا من ضربات حزب الله، مع اشتعال الحرب قبل عام، وصارت مستوطناتهم، وفقا لوصف وكالات الأنباء، مدنَ أشباح بعد إجلاء نحو 60 ألف إسرائيلى إلى منطاق أكثر أمانا! ثم إنهم يعرفون الآن أن عودة القتال قريبا ستكون أكثر شراسة مما كان قبل الاتفاق، لأنهم موقنون بأن حزب الله سيُعزِّز قوتَه فى فترة التوقف التى سيَعتبِرها فرصة لالتقاط الأنفاس ولتعويض خسائره. ويعلمون أيضاً أن الجيش الإسرائيلى فى حاجة ملحة لهذا التوقف لترميم تدهور الحالات النفسية لجنوده، ولملء خزائن سلاحه، ولشحن جماهيره الذين صُدِمُوا بأكاذيب الحكومة والجيش عن انتصارات جنودهم بينما يعلم هؤلاء السكان الحقيقة على الأرض!
على مستوى آخر فى أمريكا، وإنْ كان له أهمية خاصة لإسرائيل، فقد تبين أن لإدارة بايدن وقيادات الحزب الديمقراطى ما يفوق اهتمامهم بإنجاز اتفاق يحقق هدوءا مستقرا بين لبنان وإسرائيل، وهو خصومتهم لترامب ورغبتهم فى الانتقام منه وعرقلة حكمه، وأن هذا جعلهم يصيغون اتفاق وقف إطلاق النار بأن يصل زمنيا إلى نقطة قابلة للانفجار مع بداية حكمه، ليصطدم بحرب معقدة تتضارب فيها أهداف طرفى القتال إلى حد يصعب عليه التوفيق بينهما، خاصة مع موقف أمريكا الثابت بتأييد إسرائيل حتى مع ارتكابها جرائم حرب ضد المدنيين العزل فى غزة والضفة ولبنان، مع التظاهرات الدائرة داخل أمريكا، وفى العالم، ضد جرائم إسرائيل وضد التأييد الأمريكى المطلق لها، مع تبعات قرار المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على نيتانياهو وجالانت..إلخ! ويأمل بايدن وإدارته وحزبه فى أن يبدأ عهد ترامب بهذه الألغام الموقوتة، وأن تكون صورتهم أنهم توصلوا لوقف إطلاق النار وسَلَّموه أوضاعا هادئة!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: