يُسأل من يستخدمون عبارة الكيان الإسرائيلى أو الصهيونى أحيانًا لماذا لا يقولون أو يكتبون دولة إسرائيل بوصفها حقيقةً واقعةً حتى إذا لم يعترفوا بها. ويُجاب عن هذا السؤال بأن الأمر الواقع لا يكتسب شرعيةً فى نظر من لا يقبلونه لإيمانهم بأن الحق فوق القوة. وآية ذلك أن الكيان الإسرائيلى لا يُعتبر دولة طبيعية، ولا يكفى الاعتراف الدولى به ليكون كذلك، لأنه قام على اغتصاب أرض ليست له، ولأن من يقيمون فيه لا يُعدون شعبًا بل مستوطنون مسلحُ أكثرهم رجالاً ونساءً سواء فى الخدمة العسكرية النظامية أو فى قوات الاحتياط.
ولأن هذا الكيان ليس دولةً لا نجد أحدًا فيه تقريبًا يخجل من قرار الدائرة التمهيدية فى المحكمة الجنائية الدولية توقيف رئيس حكومته ووزير دفاعه السابق لتوافر أدلة كافية على أنهما مجرما حرب. وهذا اتهام قضائى يستند على القانون، وليس سياسيًا يمكن أن يُختلف عليه.
ولأنه كذلك، فهو يعتبر وصمة عارٍ فى أى دولة حقيقية مادام مستندًا على أساس قانونى صحيح، ومُدعمًا بأدلة مستمدة من وقائع تابعها العالم كله، ومازال، منذ أكتوبر 2023. قتلُ عمدى للمدنيين، وتدميرُ لمنازلهم ومحاولاتُ لإذلالهم، وقصفُ للمستشفيات والمدارس ودور العبادة، وتخريبُ للمواقع الأثرية التى تُعد تراثًا إنسانيًا.
ولو أن هذا الكيان دولةُ حقًا لخجل أكثر سياسييها وشعبها، ولا نقول كلهم، ممن وضعوه فى هذا الوضع المُهان، واتخذوا مواقف ضده، واعتذروا عن جرائم حكومتهم وجيشهم. فلا يليق بدولةٍ أن يحكمها مجرمو حرب، كما يقول لنا غلاف مجلة لومانتييه الفرنسية فى عددها الصادر غداة إعلان القرار القضائى بتوقيف نيتانياهو وجالانت. فقد تصدرت صورة منتقاة بعناية لنيتانياهو الغلاف، وكُتب عليه مجرم حرب Criminel De Guerre.
وفى التعليق اعتبر محرر المجلة الاتهام القضائى الجنائى الدولى وصمة عار لا يمكن محوها بغض النظر عن إلقاء القبض على نيتانياهو وجالانت من عدمه, وحتى إن رضخت المحكمة لضغوط هائلة تمارس عليها، وتهديدات إجرامية تتلقاها، وسحبت قرار الاتهام متذرعةُ بأى ذريعة، سيكون تراجعها مكشوفًا، وستبقى وصمة العار لصيقةً بهذا الكيان.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: