كل عربى وعربية، قبل كل لبنانى ولبنانية، شعروا، أو تنفسوا الصعداء، باتفاق الأربعاء 27 نوفمبر (الهدنة) الهشة التى حدثت فى لبنان، وتوقف العدوان على الأبرياء، والضعفاء، والمدن، والقرى اللبنانية بعد أكثر من عام دامٍ، عمق الانهيار السياسى، والاقتصادى الذى يعانيه لبنان، وبعد أكثر من شهرين على الحرب المفتوحة التى دخلت بها الحملة الهمجية الإسرائيلية فى منطقتنا تاريخ الحروب، وجنون الاحتلال.
لم يغب لحظة عن مخيلتنا، ومن كل المتابعين، أن هتلر الجديد (نيتانياهو) سوف يحرق بيروت، للمرة الثانية، وهذه المرة لن تجد «حريرى» آخر يعيد بناءها من جديد، أو ستطول كارثة لبنان.. لقد كانت عين جزار غزة على مدينة التنوع، عاصمة اللجوء، والنزوح، ومراكز الإيواء، (بيروت هى عدوة إسرائيل)، إن لم تكن الأولى فهى ليست الأخيرة.. هو يريد أن تحترق ومعها لبنان.. يكرر جريمة هتلر فى حرق باريس، لأن بيروت هى باريس الشرق، وهو لا يريد أن يراها كذلك، لأنه لا يغير الخرائط فى المنطقة فقط، بل يغير التاريخ كذلك، لينسى أهل منطقتنا ما كانوا عليه.
أعتقد أن الاتفاق الذى حدث يحقن الدماء، ويلبى مطالب عموم اللبنانيين (وقف القتال العبثى، والتدمير الممنهج، ومسح القرى والمدن)، فهو يلجم شهوة إسرائيل لارتكاب المجازر، والمذابح، وتدمير البلاد العربية واحدة بعد الأخرى، وفى هذه النقطة يجب أن نفهم معنى أن يقول حزب الله إنه انتصر، لكنه يجب أن يكمل انتصاره، أو يضمنه، عبر التزامه الجدى بقوة الدولة اللبنانية.
إذن، نحن أمام اتفاق غير ملزم قانونيا، لكنه حصيلة وساطة سياسية لمبعوث أمريكى، آموس هوكستين، فهو مضمون من إدارتين أمريكيتين، قادمة وراحلة، وفى ظل غياب رئيس جمهورية لبنانى شرعى، وفى ظل حكومة تصريف أعمال، وغياب البرلمان عن التشريع، ويتعين حسب الاتفاق أن تقوم لجنة المراقبين بإعطاء الضوء الأخضر لذلك بعد 60 يوما من إتمام الإجراءات المطلوبة، وهنا سوف يبرز التساؤل حول مسألة وسلامة الالتزام، سواء الإسرائيلى أو قوات حزب الله، بعملية التسليم والتسلم، وأمام حركة الجيش الوطنى اللبنانى لتعطينا صورة قوية لأى دولة تحترم سيادتها.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: