برغم خسارة كامالا هاريس، والتى تراوحت أوصاف السياسيين والمعلقين، من خارج الحزب الديمقراطى، بين أنها هزيمة مريرة، أو صادمة، أو فادحة، أو مدوية، وهو ما كان يُوجِب على الحزب الديمقراطى ألا يكتفى بالاعتراف الإجرائى بخسارة مرشحته، وكأن الغرض الوحيد هو إقراره بسلامة العملية الانتخابية ونتائجها، لأنه كان منتظراً، على الأقل، أن يُبدِى قادةُ الحزب لجماهيرهم الجدية فى البدء فوراً فى بحث أسباب الخسارة، لتحديد الأخطاء التى وقعوا فيها، وما كان يجب عليهم أن يفعلوه..إلخ، إضافة إلى وجوب إقرارهم بحق جماهيرهم فى معرفة كل هذه التفاصيل بمجرد حسمها. إلا أن التصريحات الصادرة، حتى الآن، من قادة الحزب ومن مسئولى حملتها الانتخابية، لا تنطوى على أى مؤشرات بمثل هذا! بما يدعو إلى يأس جماهير الحزب من التوصل لأسباب مقنعة لما حَلّ بمرشحتهم، كما أنه يُبعدهم أكثر عن الأمل فى العلاج من أجل أداء أفضل لمرشحيهم فى انتخابات المستقبل.
من عَيِّنة الكلام غير المقنع المُتَعَجِّل، بعد دقائق قليلة من إعلان الخسارة، ما قيل إن الرئيس بايدن هو السبب، لأنه تلكأ فى حسم تنازله عن خوض الانتخابات، مما ضَيَّق على هاريس، فلم يَعُد لدى حملتها وقت كافٍ للتواصل مع الجماهير! وكذلك ما قيل عن أنها، وبرغم قلة الوقت، إلا أنها بدَّدته فى محاولة إثبات أن منافسها ترامب لا يصلح للرئاسة، بدلاً من أن تطرح نفسها كرئيسة وتُقنِع جماهيرَ الناخبين بأن لديها برنامجا أفضل من منافسها..إلخ
وكما ترى، فهذا الكلام ومثله مما تكرر فى الحملة وبعدها، يفتقد الشجاعة الأدبية التى يجب أن تتحلَّى بها المرشحة للمنصب الرئاسى، فقد كان على حملتها أن تُقَدِّم تفسيرات وتبريرات عن مسئوليتها، كنائبة للرئيس، فى مشاكل الاقتصاد وفى تفشى فوضى الهجرة..إلخ، وكذلك أن تهتم بالتظاهرات، التى كانت صاخبة منذ عام فى الجامعات والشوارع، تُنَدِّد بالإدارة لمشاركتها فى جرائم الحرب التى تقترفها إسرائيل ضد المدنيين العزل فى غزة! ولكنها لم تَسْعَ لاجتذاب هؤلاء الشباب، الذين اصطفوا بعدها فى طوابير الناخبين، وكان من السهل توقع اتجاه تصويتهم.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: