طالت أزمة تأجير المساكن القديمة، التى عانت منذ الستينيات تخفيضات كبيرة فى القيمة الإيجارية، لدرجة أنها وصلت إلى الصفر تقريبا.
هناك بيوت فى جاردن سيتى، ووسط القاهرة، بل فى أطرافها، إيجارها الشهرى دون الجنيهات الخمسة مهما تكن مساحة الشقة، أو مكانها، لدرجة عزوف أصحاب العقارات عن تحصيل إيجاراتها لعدم فائدتها، أو لأن إكرامية "سايس" السيارة أكبر من إيجار الشقة!، ووصلت هذه المعاناة إلى أن أغلبية هذه الشقق مغلقة، وبلا استفادة حقيقية من هذه الثروة التى تدنت قيمتها الإيجارية، أو أن المؤجرين لها لا يقومون بصياناتها، وانتقلوا إلى عقارات جديدة، واحتفظوا بشقق هذه الإيجارات القديمة لأنها غير مكلفة، وأُهملت هذه الثروة العقارية، ذات القيم المالية العالية، والتاريخية، وأصبحت بلا مالك حقيقى يشعر بجدواها، وكيفية تجديدها، والاستفادة منها، ووسط هذه اللا مبالاة فاجأتنا الدستورية العليا، فى جلستها التى عُقدت أول الأسبوع الحالى، بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص إقامتها لأغراض السكن فى القانون 136 لسنة 1981 الذى أعطى الحصانة لإيجار الأماكن، والعقارات القديمة حتى لو كانت تجارية، وقالت المحكمة إنه يتوجب أن يتدخل المشرع لإحداث هذا التوازن، فلا يمكن للمؤجر فرض قيمة إيجارية استغلالا لحاجة المستأجر إلى مسكن يؤويه، وحتى لا يتم هدر عائد استثمار الأموال (قيمة الأرض والمبانى) بثبات أجرتها بخسا بذلك العائد فتحيله عدما، وقد أعطى القرار للمشرع مهلة زمنية كافية ليختار بين البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن، ووضع هذا القرار أمام البرلمان لتقنين الوضع الجديد، وهذا لا يعنى أن يتضرر المستأجر، أو أن يُطرد من منزله، ولكن ثورة حقيقية لتصحيح الأوضاع، وزيادة القيمة الإيجارية حماية للعقار، والاستفادة منه، سواء للمستأجر أو المالك، وهذا يعنى أن عقارات كثيرة مهملة، وغير مستفاد منها، ستكون متاحة فى السوق العقارية، مما يعنى انتعاشة بمزيد من العقارات، وتحسين أحوال ملاك هذه العقارات، الذين يعانون بسبب مصادرة أملاكهم هم وذووهم منذ أكثر من 6 عقود لأسباب العدالة الاجتماعية، وهى لا تحقق هذه العدالة لأغلب سكان هذه العقارات الذين إما انتقلوا إلى عقارات أخرى، أو هناك تنازع بين أصحاب هذه العقارات وقاطنيها على حيازتها، ولا يستفيد منها أحد.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: