أول أسباب فوز ترامب كان إعلان الرئيس بايدن عن عزمه الترشح قبل عامين ونصف من الانتخابات، مخالفًا التزامه السابق بأنه سيكون رئيسًا لفترة واحدة. السبب الثانى هو إصراره على الترشح رغم حالته الصحية المتردية، والثالث تأخره فى الانسحاب من الانتخابات. أما السبب الرابع، فهو أن كامالا هاريس لم تكن الخيار الأمثل لمواجهة ترامب، بينما كان السبب الخامس تراجع الاقتصاد الأمريكى وارتفاع الأسعار. أما السبب السادس، فكان التمادى فى الدفاع عن المثلية الجنسية، ما أثار حفيظة العديد من الأسر المحافظة، بما فى ذلك المسلمون وكثير من المسيحيين والأقليات.
يمكن القول إن معظم هذه الأسباب تعود لأخطاء كبيرة ارتكبها الحزب الديمقراطى بقيادة بايدن، واستغلها ترامب ليقدم نفسه كمنقذ للاقتصاد الأمريكى المعرَّض لخطر شديد بسبب تراكم الديون وضعف القدرة على المنافسة، والتورط فى حربى أوكرانيا والشرق الأوسط. وقد صرّح ترامب بأنه لو كان فى البيت الأبيض لما اندلعت أى حرب. وقد فرضت المخاوف من تورط أمريكا فى الحروب نفسها بقوة على الناخب الأمريكي، حيث إن الحروب تتطلب إنفاقًا كبيرًا على الأسلحة، وتكلفة حياة الجنود، فى وقت يعانى فيه الاقتصاد الأمريكى من صعوبات كبيرة، وارتفاع معدلات التضخم والديون.
آمل أن ينفذ ترامب وعوده بعدم تورط الولايات المتحدة فى الحروب، بل أن ينهى الحرب الأوكرانية فى وقت قياسي، كما يسعى لإنهاء الصراع فى الشرق الأوسط. كما آمل ألا ينجرف وراء مساعى رئيس الوزراء الإسرائيلى نيتانياهو لتوسيع الحرب فى المنطقة وما أشار إليه حول تغيير خريطة المنطقة. فرغم ما قد يبدو من مبالغة فى تصريحاته، فإنه يثير القلق من أى سلوك متهور فى منطقتنا المثقلة بعوامل التفجر.
تابعت مواقف الجالية العربية والإسلامية، ورأيت أنها أصبحت أكثر نشاطًا وتأثيرًا، مما منح الصوت العربى والمسلم مكانة متزايدة وجعله رقمًا له ثقله فى الانتخابات. وقد يصبح هذا التأثير أكثر فاعلية فى المستقبل. وكانت لقاءات ممثلى الجالية مع المرشحين مهمة ومثمرة، وقد ظهر ذلك فى خطاباتهم التى تضمنت وعودًا بمنح القضية الفلسطينية الاهتمام المناسب والعمل على وقف الحرب. غير أن الصوت العربي، الذى كان عادة يميل للديمقراطيين، أعاد النظر فى مواقفه، ولم يعد يمنح دعمه تلقائيًا، بل ربط دعمه بمواقف المرشحين؛ فحُرمت كامالا هاريس من نسبة كبيرة من الأصوات رغم وعودها المتكررة بالعمل على وقف الحرب، لأنها لم تفعل شيئًا خلال فترة توليها المنصب، وكان عليها التحرك مبكرًا ودون النظر لنتائج الانتخابات.
نتيجة لذلك، اتجهت نسبة كبيرة من الأصوات العربية والإسلامية لدعم المحافظين وانتخاب ترامب بعد فقدان الثقة بالإدارة الديمقراطية، التى دعمت الحرب طوال الوقت وأهملت الجانب الإنسانى للفلسطينيين فى غزة. وقد قدمت الجالية العربية والإسلامية درسًا مهمًا أظهر أهمية الصوت العربى والمسلم فى الانتخابات الأمريكية. وأتوقع أن يمتد هذا الوعى إلى المهاجرين العرب، ليشعروا بأهمية انخراطهم فى مجتمعاتهم، وأن يكون لهم تأثير متزايد، سواء فى الولايات المتحدة أو أوروبا، بما يعزز مناصرة القضايا العربية.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: