لم تترك الدولة المصرية بابا فى كل قارات العالم، إلا وطرقته، ولم تتوقف الدبلوماسية المصرية عن التحرك فى كل اتجاه من أجل المساهمة فى عملية البناء والتنمية التى تنتهجها البلاد للدخول إلى الجمهورية الجديدة، كل هذا يسير بالتوازى وبدقة متناهية مع ما يشهده الداخل من تطوير وبناء ومشروعات عملاقة فى كل بقعة من أرض الوطن.
ولم تكتف الدولة المصرية بالعلاقات الثنائية، وما تحققه من عوائد اقتصادية بفضل التعاون المثمر، ولكن حرصت على الدخول فى تكتلات اقتصادية دولية، وفى المقدمة منها المشاركة فى تجمع دول «بريكس»، فى روسيا الاتحادية للمرة الأولى كعضو فى التجمع منذ الانضمام رسميا مطلع عام 2024، بهدف تطوير العمل متعدد الأطراف، والإسهام فى التصدى للتحديات المركبة التى يشهدها العالم سياسيا واقتصاديا، ومواجهة التأثيرات السلبية للصراعات والأزمات الدولية على مسيرة التنمية فى البلدان النامية، وما كان هذا ليحدث لولا الثقل الإستراتيجى لمصر على مختلف الأصعدة، وما يوفره اقتصادها من فرص متعددة لجذب الاستثمارات الخارجية، وموقعها الجغرافى المتميز بين قارات العالم القديم الثلاث، ومكانتها إقليميا ودوليا، ودورها الرئيس والمؤثر فى القضايا والملفات السياسية والاقتصادية الدولية، ولا تهدف مصر من خلال انضمامها إلى «بريكس»، إلا إلى التعاون مع دول التجمع فى تقديم حلول جماعية مبدعة وجديدة للمصاعب الهيكلية، ودفع جهود تحقيق التنمية المستدامة.
ومن المقرر أن تشارك مصر أيضا فى اجتماعات مجموعة «العشرين»، فى ظل التحديات الاقتصادية، والأزمات الحادة التى يعانى منها العالم، من أجل تعزيز العمل الدولى المشترك، والاتفاق على سبل المواجهة الفاعلة لقضايا الغذاء والطاقة، ومعالجة اختلالات الهيكل المالى العالمي، وتطوير مؤسسات التمويل الدولية، ودفع التكامل الاقتصادى للقارة الإفريقية على وجه الخصوص.
إن الدولة المصرية فى سياستها الخارجية تتحرك على أكثر من محور، وفى أكثر من اتجاه، ورغم ما يموج به الإقليم من تصعيد، ورحى الحرب فى غزة ولبنان لم تتوقف، وما يشهده العالم من تقلبات، وفى المقدمة منها الأزمة الروسية- الأوكرانية، تتعامل السياسة الخارجية مع المواقف والقضايا بحيادية واتزان وثبات على المواقف والرؤى التاريخية، وفى الوقت نفسه تفتح الطريق أمام الاقتصاد المصري، لكى يتعافى من الأزمات العالمية، وينجو من التضخم، بل تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وتعظيم التعاون مع الشركاء الإستراتيجيين والدوليين، وتفعيل التوازن والمصلحة المتبادلة، والتكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمي، ودفع حركة الاستثمار الأجنبي، وتوطين الصناعة، ونقل التكنولوجيا، وتعزيز التعاون فى المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.
إن ما تسعى إليه مصر، هو بلورة نماذج عملية للتعاون الدولي، وإقامة شراكات فاعلة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، بما يحقق الطموحات والتطلعات، للوصول إلى الإصلاح الاقتصادى الشامل.
وأستطيع أن أقول إن النقلة النوعية التى شهدتها البلاد فى القطاعات التنموية المختلفة، وإرادة القيادة السياسية، ووعى الشعب، فتحت الطريق أمام تعظيم التعاون مع معظم دول العالم، ووفرت الفرص الاستثمارية، ثقة بالاقتصاد المصرى، الذى مد جسور التعاون إلى الجميع؛ لذا كان الدور المصرى الفاعل فى تفعيل اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الإفريقى «الكوميسا»، والذى يعكس الإدراك العميق للأهمية الإستراتيجية للمحيط الجغرافى والعلاقات مع دول حوض النيل، من أجل إيجاد بيئة مشجعة للاستثمار المحلى والأجنبي، وتعميق مفهوم المصالح الاقتصادية، وتحقيق تكامل سلاسل التوريد الإقليمية، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتنفيذ أجندة التنمية فى إفريقيا 2063.
وفى وجه التحديات المشتركة، التزمت مصر مع الاتحاد الأوروبي، بإعادة إطلاق وتعزيز الشراكة الإستراتيجية فى إطار أجندة جديدة طموحة لمنطقة البحر المتوسط، تقوم على المصالح المشتركة بين القارة العجوز وجيرانها جنوب المتوسط، من أجل ضمان الاستقرار على المدى الطويل، على أن يقوم ذلك على القيم والمبادئ العالمية للديمقراطية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان.
ولم تكتف الدولة بالعمل مع الكيانات الدولية، ونجحت بفضل سياستها الخارجية، فى عقد اتفاقات شراكة مع العديد من دول العالم فى الشرق والغرب، من الأمريكتين، إلى أوروبا وآسيا وإفريقيا، فكان ترفيع العلاقات مع البرازيل والأرجنتين وألمانيا وفرنسا والصين واليابان وتركيا وروسيا، وتم تتويج ذلك بعلاقات اقتصادية غير مسبوقة مع السعودية والإمارات، فى إطار شراكات جادة لتنمية الاستثمارات المشتركة.
وقد اختصر الرئيس عبدالفتاح السيسى، أزمة الاقتصادات الناشئة كلها فى كلمته، خلال الجلسة العامة الثانية الموسعة، تحت عنوان: «تعزيز النظام المتعدد من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين»، خلال قمة تجمع البريكس بمدينة قازان فى روسيا الاتحادية، بقوله: «تؤمن مصر إيمانا راسخا، بأهمية تعزيز النظام الدولى متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة وأجهزتها، باعتباره الركيزة الأساسية للحفاظ على مكتسبات السلام والاستقرار والتنمية، والضمانة القوية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، إلا أن الأزمات المتعاقبة التى عصفت بالعالم، خلال السنوات الماضية، قد أوضحت- بما لا يدع مجالا للشك- عجز النظام الدولى عن التعامل بإنصاف مع الصراعات حول العالم، فضلا عن حالة الاستقطاب والانتقائية التى أضحى النظام الدولى يتسم بها».
وأضاف الرئيس «أظهرت التطورات الدولية، أن القصور الذى يعانى منه النظام الدولى الحالى، لا يقتصر فقط على القضايا السياسية والأمنية، بل يمتد إلى الموضوعات الاقتصادية والتنموية، وتولى مصر أولوية كبرى لاتخاذ خطوات ملموسة، تضمن اضطلاع المجتمع الدولى بدوره، فى توفير التمويل الميسر لتحقيق التنمية فى الدول النامية، عبر استحداث آليات مبتكرة وفعالة لتمويل التنمية، وآليات شاملة لضمان الإدارة المستدامة لديون الدول النامية، وتؤكد مصر أهمية دفع أطر التعاون، فى مجال التسويات المالية بالعملات المحلية، واستثمار الميزات النسبية لدول التجمع لتدشين مشروعات اقتصادية واستثمارية وتنموية مشتركة».
لم تغلق مصر بابها، ولم تعزل نفسها عن العالم الذى نعيش فيه، ورغم أنها لم تفضل، أو تميل إلى سياسة التحالفات السياسية، إلا أنها كانت، ولاتزال، حريصة على المشاركة فى التكتلات الاقتصادية، فى أى مكان يفتح الطريق أمام الاقتصاد المصري، ويعود عليه بالنفع، كما أعطت أولوية قصوى لعلاقاتها الاقتصادية مع كل دول العالم، بهدف تحقيق أقصى استفادة ممكنة، والوصول إلى كل نقطة، يمكن أن تضع البلاد فى ترتيب الأوائل على المستوى الاقتصادى عالميا، وهى تدخل الجمهورية الجديدة، بكل ما تحمله الكلمة من حياة كريمة للمصريين.
***
أستطيع أن أقول إن النقلة النوعية التى شهدتها البلاد فى القطاعات التنموية المختلفة، وإرادة القيادة السياسية، ووعى الشعب، فتحت الطريق أمام تعظيم التعاون مع معظم دول العالم، ووفرت الفرص الاستثمارية، ثقة بالاقتصاد المصرى
[email protected]لمزيد من مقالات مـاجــــد منير يكتب رابط دائم: