لا يكاد يخلو أى شارع فى حى شرق مدينة نصر من الحفر العميقة فى الأسفلت، وكأنها كمائن للسيارات التى تمر فى شوارع مثل نبيل الوقاد، وأحمد تيسير، ومحيط كلية البنات، وهى شوارع كثيفة المرور، لا يُتاح لمن يقود السيارة الوقت الكافى أو مدى الرؤية اللازم لاكتشاف الكمائن أو الإفلات منها، وإذا تمكن من رؤيتها فى اللحظات الأخيرة واضطر إلى الانحراف المفاجئ، تكون النتيجة ارتطامًا بسيارة أخرى بجانبه أو خلفه.
عشرات السيارات تسقط ضحية تلك الحفر العميقة فى هذا الحيز من الشوارع، ومن المؤكد أن الأمر لا يقتصر على تلك الشوارع وحدها، لكننى عادةً أمر من خلالها، ولهذا رأيت الكثير من الحوادث، وبالتأكيد هناك أضعاف مضاعفة فى بقية الشوارع. تساءلت: كم تكلفة ردم وإصلاح تلك الحفر؟ وجدت أنها لا تحتاج إلى الكثير من التكلفة؛ فحمولة سيارة واحدة من الحصى والزلط، وفوقها كمية قليلة من الزفت، يمكنها ترميم كل تلك الحفر، ولن تستغرق أكثر من يوم عمل. فأين دور مجلس الحى ورئيسه؟ وهل لم يروا كل تلك الحفر؟ ألم تقع سياراتهم فيها؟ ربما كان سائقوهم يعرفون أماكن هذه الحفر ويتمكنون باحترافية من تجاوزها لكثرة مرورهم فيها، أما باقى السكان أو من يمرون بسياراتهم فى الحى، فهم بالتأكيد سيسقطون فى تلك الكمائن التى لا مفر منها، لكثرتها وانتشارها وصعوبة العبور بسلام منها.
إن تكلفة الأضرار التى تلحق بالسيارات جراء تلك الحفر فى يوم واحد تتجاوز بكثير تكلفة صيانة تلك الشوارع، أما عندما تتسبب فى انقلاب سيارة أو وقوع حادث مرورى، فالنتائج تكون أكثر ترويعًا. فلماذا هذا الإهمال فى خطر نراه كل يوم ويتسبب فى الكثير من الأذى؟ ألا توجد ميزانية للصيانة؟ أعتقد أنها لا تكلف الكثير، ويمكن تدبيرها من موارد ومصروفات فى بنود أقل أهمية بكثير. وإذا عجز مجلس الحى عن إصلاح وتجنب هذا الخطر، فيمكن للحى أو الأحزاب أو أى جمعية ذات نفع عام أن تتكفل بهذا العمل الإنسانى والوطنى أيضًا، فالخطر يؤدى إلى خسائر لا مبرر لها، وضحايا أو إصابات يمكن تجنبها. ومن السهل جمع تبرعات من أهل الحى أو من بعض الأنشطة فيه، وهو مبلغ بسيط، ويمكن الإسراع فى ترميم تلك الحفر، بل يمكن تشجيع الشباب على التطوع والعمل معًا من أجل إزالة الحفر وردمها بالجهود الذاتية، طالما أن مجلس الحى غائب، ويمكن استخدام بضعة شكاير من الأسمنت وخلطها بالرمل والحصى لردم تلك الحفر، ووضع علامة عليها حتى تجف.
الحلول ليست عسيرة، لكن العيب يكمن فى أننا لا نهتم، أو نقول إن الأمر ليس بيدنا، وكل واحد فى حال سبيله، وتكون النتيجة أننا نصبح ضحايا لمثل هذه الحفر. ومن يعرف مكانها فى المنطقة التى يسكن فيها أو التى يمر بها، قد يسقط فى مكان آخر، وشوارع وأحياء أخرى. فمن يفلت من شوارع حى شرق مدينة نصر، لا بد أن يسقط فى كمائن المنيب أو شبرا أو غيرها من الأحياء. فالإهمال مرض معدٍ، ومن يتركه يتحول إلى وباء يصيبنا جميعًا.
أتمنى أن نتخلص من هذه الآفة التى تضر مجتمعنا، والتى لا أراها صغيرة، بل هى علامة خطر يجب علينا معالجتها. فمن يترك حفرًا صغيرة مؤذية، سيقع بالتأكيد فى المشكلات الأكبر، ومن يتجاهل خطرًا يراه يوميًا، لن ينتبه أبدًا إلى أى أخطار أخرى تهدد بلدنا ومجتمعنا. لذلك، لا ينبغى الاستهانة بمثل هذه المخاطر، ويجب أن نعتاد على مواجهتها أولًا بأول، وبكل سرعة ودأب. عندها سنكون قادرين على مواجهة المشكلات الأكبر.
لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت رابط دائم: