رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

كلام ثابت
الدمار الإلكترونى

العدوان الإلكترونى الذى شنّته إسرائيل على لبنان سيترك آثارًا سلبية عديدة، تتجاوز لبنان والمنطقة، وتنشر الرعب فى أنحاء العالم، عندما يتم تحويل بطاريات الليثيوم أو مكونات مدنية أخرى إلى قنابل موقوتة. لا توجد مدينة أو قرية أو بناية أو شقة فى العالم تخلو من بطاريات الليثيوم، فأجهزة الهواتف المحمولة موجودة فى كل بيت، وكذلك الكثير من الأجهزة الإلكترونية المنزلية، بالإضافة إلى السيارات الكهربائية التى تنتشر بسرعة هائلة فى كل أنحاء العالم، والتى تعمل ببطاريات ليثيوم كبيرة، وكذلك خلايا الطاقة الشمسية. علينا أن نتخيل تنظيمًا إرهابيًا، ولا أقول دولة، قرر أن يشن عمليات إرهابية كبرى، وعرف السبيل إلى طريقة تفجيرها. إن هذا التصور يثير رعب البشر فى أنحاء العالم، وليس ما حدث فى لبنان إلا نموذجًا يمكن أن تحتذيه منظمات إرهابية. أتوقع أن تتأثر التجارة الدولية للأجهزة الإلكترونية بمثل هذا العدوان الإسرائيلي، فكل دولة ستخشى استيراد أجهزة إلكترونية يمكن التلاعب بمكوناتها، أو جعلها قنابل أو أدوات تجسس على حكومات أو شعوب أخرى، بعد أن تحولت إلى سلاح دمار بالغ الخطورة والتأثير يصل إلى كل مكان. سيخشى الكثيرون حيازة أجهزة مستوردة من مصدر غير مأمون، ولهذا علينا أن نعمل على توطين صناعة المنتجات الإلكترونية، وأن نصنعها بأيادٍ مصرية، حتى لا نتعرض لاحتمال أن تهاجمنا دولة أو منظمة عبر تفجير هذه الأجهزة. إن الضربات التى وجهتها إسرائيل إلى لبنان لم تصب عناصر من حزب الله فقط، ولا لبنانيين مدنيين آخرين لا شأن لهم بالحرب الدائرة، وإنما استهدفت الأمن العالمي، واستخدمت أدوات مزدوجة الاستخدام، بل كان يُنظر إليها كأدوات آمنة، وإذا بها تتحول إلى سلاح دمار وقتل واسع النطاق.

هل حققت إسرائيل هدفها المعلن الذى قالت إنه سيرغم حزب الله على وقف قصف مستوطنات الجليل فى شمال إسرائيل؟ بالتأكيد، لم يتحقق هذا الهدف ولن يتحقق، بل العكس تمامًا، فالحرب ستتسع، وسيكون نتيجة العدوان رد من الجانب اللبناني، يعقبه ضربات من هنا ومن هناك لتشتعل المنطقة كلها. فالتصعيد لن يجلب إلا المزيد من التصعيد، والمسؤولية تقع على ازدواجية مواقف الولايات المتحدة التى لا تتوقف عن الإعراب عن مخاوفها من التصعيد واندلاع حرب شاملة ستنجر إليها حتمًا. وقد رأينا البوارج الأمريكية وحاملات الطائرات تتأهب للدفاع عن إسرائيل بعد كل عدوان، وتصد عنها الصواريخ، وتزيد من رقعة التواجد فى المنطقة لإنشاء شبكة دفاع جوى لحماية إسرائيل، وكأنها تشجعها عمليًا على المزيد من العدوان. سيدرك العالم خطورة ما سيترتب على هذا النوع الجديد من الاعتداءات، وسيندم الكثيرون على فتح مجال جديد واسع للإرهاب، يصل إلى كل بيت فى العالم، ويفجره عن بُعد. لكن إسرائيل، التى تحظى بكل حماية من المحاسبة على جرائمها، تجر العالم إلى المزيد من الدمار والقتل وعدم الاستقرار، وسيدفع العالم كله أثمانًا كبيرة لتلك الجرائم الإسرائيلية.


لمزيد من مقالات عــــلاء ثــابت

رابط دائم: