تتعدد تفسيرات تأخر الرد الإيرانى على جريمة اغتيال رئيس حركة «حماس» الراحل إسماعيل هنية فى طهران يوم 31 يوليو الماضي. وتُروى رواياتُ عدة غير موثقة غالبًا عن اتصالات أمريكية عدة أُجريت مع طهران عبر وسطاء لديهم تجارب سابقة فى السعى إلى تقريب المواقف المتباعدة بين الطرفين.
ولكن يبقى السؤال عن التفاعلات الداخلية المؤثرة فى قرار الرد الإيراني. وإذ يتطلب جوابُه معلومات لا يتوافر معظمها بعد، لا مناص من الاجتهاد فى ضوء شواهد على حدوث خلاف داخلي. فليس صعبًا فهم أن يكون الرئيس الجديد مسعود بزشكيان وحكومته فى جانب، والحرس الثورى فى الجانب الثاني، من هذا الخلاف. كان بزشكيان قد تولى منصبه رسميًا قبل ثلاثة أيام فقط من اغتيال هنية الذى أربك حساباته فى وقت مبكر، وهدَّد بإحباط رهانه على التحرك سعيًا لفتح ثغرات فى جدار الصراع المتصاعد الذى يحول دون استئناف المفاوضات مع الغرب. ولهذا كان عليه أن يحاول التأثير فى قرار الرد على جريمة اغتيال هنية وتأخيره عسى أن يُحدث الله بعد ذلك أمرًا. ومن السهل تصور أن قيادة الحرس الثورى كانت راغبةً فى رد قوى سريع، وربما يكون فوريا. ولكن ماذا حدث تحديدًا؟
هذا ما لا يُعرف حتى الآن. غير أنه فى الإمكان تصور أن يكون بزشكيان قد تمكن فعلاً من التأثير فى قرار الرد، برغم قلة صلاحياته الدستورية وتعدد مراكز القوة فى النظام الإيراني. ربما استطاع بزشكيان المعروف بقدرته على المجادلة والمحاججة كسب بعض مراكز القوة فى النظام إلى صفه، لتغيير طبيعة الخلاف بحيث لا يكون بين جناحين إصلاحى ومحافظ، بل بين فريقين لكل منهما وزنه وحججه، خاصةً إذا كان قد استطاع إقناع قيادة الجيش بأن الأولوية لإكمال البرنامج النووي.
وإذا صح هذا التفسير فهو يعنى أن حُسن استخدام المسئول السياسى صلاحياته قد يعوض محدوديتها حين تكون محدودة. وهى كذلك فعلاً بالنسبة إلى الرئيس فى إيران حسب المادتين 110 و 113 من الدستور.
ومع ذلك علينا انتظار ما قد يُكشفُ عنه فى الأسابيع المقبلة لمعرفة تفاصيل ما حدث.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: