درج مستر مارك على أن يقول الحق ويفعله. «ضميره» الحى يقظُ لا ينام أبدًا، ولا يبتلع عقاقير منومة. لا يكذب هو، ولا يخادع، ولا ينافق، ولا يفجُر. لا يرتكب خطأ أو خطيئةً إلا دون قصد. وما أن يفطن إلى ما اقترفه غير عامدٍ أو باغٍ حتى يهم بالاعتذار عنه، ويسعى إلى تصحيحه، حتى إن مرت أيام أو شهور، أو حتى سنوات. فهنيئًا لمستر مارك بهذه الأخلاق الكريمة، التى دفعته لأن يبادر قبل أيام للاعتراف بخطأ ارتكبه قبل أكثر من ثلاث سنوات.
فقد وجه مارك زوكربرج رئيس شركة «ميتا» الأخطبوطية رسالةً إلى مجلس النواب الأمريكى قبل أيام عبر فيها عن أسفه لأنه خضع لضغوطٍ مارستها إدارة جو بايدن عليه لإزالة محتوى متعلق بجائحة كوفيد-19 عام 2021. اعترف مارك ذو «الضمير الحي» بأنه أخطأ فى خضوعه لتلك الضغوط. كذلك فعل بشأن إزالة تقرير نشرته صحيفة «نيويورك بوست» لأنه تضمن مراسلات إلكترونية بشأن صفقات بين هانتر نجل بايدن حين كان نائبًا للرئيس أوباما. وعبر عن أسفه لذلك مبررًا فعلته بأن مكتب التحقيقات الفيدرالى أبلغه أن التقرير قد يكون جزءًا من عملية تضليل معلوماتى من جانب جهات روسية بهدف إضعاف موقف بايدن قبل انتخابات 2020 الرئاسية. وقال إنه اكتشف بعد ذلك أن تحذير الجهاز الأمنى لم يكن صحيحًا، لأن تقرير الصحيفة استند على الحاسب الآلى الخاص بهانتر، والذى قبلته المحكمة الجنائية باعتباره دليلاً.
ولكن اعترافى السيد مارك هذين ليسا مدفوعين بشعورٍ بالذنب أو بتأنيب ضميرٍ يفتقر إليه. هذا الملياردير, الذى يتحكم فى منصات تفتن أغلبية الناس فى عصر تدنى النوع البشرى، لا يرمش له جفن عندما يحجب ملايين الحسابات من فيس بوك وإنستجرام لأن أصحابها نشروا, وينشرون, عن جرائم الإبادة فى قطاع غزة، أو يغلقها لفترات متفاوتة عقابًا لهم على وقوفهم مع الحق، أو يحذف بعض ما يُكتب فيها.
أمثالُ مستر مارك هذا لا ضمير ولا أخلاق لهم. وأنَّى للمتصهينين فى أمريكا وغيرها أن يكونوا بشرًا أسوياء بأى حال.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: