فى خطوة جادة واعِدة، تستجيب لشكاوى جماهير المستهلكين من ارتفاع الأسعار، قرَّر مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة، التابع لمجلس الوزراء، تحريك دعوى جنائية ضد 21 من كبار منتجى بيض المائدة، الذين يسيطرون على نحو ثلثى السوق، بتهمة تواطئهم معاً، بالمخالفة للقانون، لتحديد أسعار بيع طبق بيض المائدة، وهم جميعاً أعضاء فى الشعبة التابعة للاتحاد العام لمنتجى الدواجن، ومنهم ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة الشعبة، مما سَهَّل عليهم استخدام الإشعارات الرسمية التى تصدرها الشعبة، لكل العاملين فى مجال انتاج البيض، لنشر الأسعار التى اتفقوا عليها فيما بينهم، بما يُضفِى عليها إيحاء بقانونيتها. وقد وصلت تقديرات بعض الخبراء أن السعر الذى فرضوه، المعروف لجمهور المستهلكين، هو ضعف السعر العادل المقدر بـ90 جنيها لطبق البيض.
أهم ما فى خطوة جهاز حماية المنافسة، أنها رد رسمى قوى ضد الترويج الإعلامى لمُغالَطات صارِخة، طوال الفترة الماضية، بزعم أن الدستور وَفَّر الحرية المطلقة للمنتجين والتجار فى تحديد الأسعار، فى حين أن الدستور (مادة 27) نص على: (الالتزام بمعايير الشفافية... ودعم محاور التنافسية... ومنع الممارسات الاحتكارية)، ثم نظَّم القانون هذا المبدأ الدستورى بفرض ضوابط لتوفير المناخ للمنافسة، التى هى أهم سمات اقتصاد السوق الحر، من هذه الضوابط عقوبات على من ينتهك آلية السوق ويقضى على المنافسة محتمياً بقوته فى السوق، بما يعيق آخرين من المنتجين والتجار ممن يعجزون عن منافسته، مما يتسبب لهم فى خسائر، بما يتعارض مع مبدأ توفير شروط المنافسة الدستورية والقانونية. أَضِف أيضاً، أن الدولة التزمت بدعم المنتجين من أجل تحقيق الهدف الأساسى بتوفير السلع للجمهور بمستوى أفضل بسعر أفضل، لذلك صار على الدولة أن تتحرك لمعاقبة من أخَلَّ بالدستور والقانون ومن يعمل على تدمير سياساتها الاجتماعية.
من المتوقع أن تشهد المُحاكَمة مقاومة مستميتة تزعم التمسك بالدستور بالمعنى الذى رُوِّجَ له طوال الفترة الماضية! وهو ما يُوجِب الاستعدادَ للمواجهة، بنفس روح بيان جهاز حماية المنافسة الذى وعد بأن يتبع هذه الخطوة بمواقف أخرى، وناشد الجمهور بالإيجابية فى الإبلاغ عن مثل هذه الانتهاكات.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: