أخطر ما فى الحادث الذى شهده جسر اللنبى (جسر الملك حسين، أو معبر الكرامة) بالأردن هو الرسالة التى عكسها على الشارع العربى، والداخل الإسرائيلى، وتأثيره على كل سكان الضفة الغربية بإحكام الحصار عليهم، وقمعهم بالأسلوب ذاته الذى يتبعه الاحتلال فى قطاع غزة، كما أن أغرب ما فى الرسالة هو الكيفية التى استقبل بها رئيس الوزراء الإسرائيلى الحادث الفردى الناجم عن مواطن أردنى فوق المعبر الذى يعتبر المنفذ الرئيسى لأهل الضفة الغربية باتجاه العالم الخارجى، حيث بدلا من أن يبحث فى الأسباب، سلك طريقا آخر عدوانيا ضد كل المنطقة، مستخدما الكراهية التى صنعها خلال العام المنقضى، فى أطول عدوان على غزة وأهلها، وخرج بتصريح بأنه «من دون السيف لا يمكن العيش فى الشرق الأوسط».
إن من يتابع تصريحات نيتانياهو منذ حرب غزة سوف يجد أن كل تشبيهاته دينية فجة، مثل «سنقف معا»، وسوف «نتمسك بحبل داود معا، والبعض يسأل: هل سيبقى سيف الحرب للأبد؟، وأنا أجيب: فى الشرق الأوسط من دون سيف لا بقاء ولا خلود»، فماذا يريد نيتانياهو من المنطقة؟.. بل ماذا يريد من إسرائيل ؟.. وهل من الممكن أن تستمر وهى تسلط سيف العداء، والكراهية ضد جيرانها، وتهدم المدن، وتصادر حقوق الفلسطينيين، وتمارس الإبادة الجماعية ضدهم؟..
إن الأحداث تتوالى، وحادث الأردن رغم أنه فردى فإن تبعاته جسيمة، وخطيرة، وتأثيره على الضفة الغربية كبير، خاصة بعد إغلاق المنفذ، والمنفذين الآخرين معبر رابين (العربا)، ومعبر نهر الأردن (جسر الشيخ حسين)، أى أن إسرائيل أحكمت حصارها على كامل الضفة الغربية، وأغلقت آخر ما يربطها بالأردن، والعالم.
أعتقد أنه ليس فى مصلحة المنطقة إشعال الجبهة الأردنية بعد الاضطرابات التى تشهدها مدن الضفة الغربية كلها، فماذا تريد إسرائيل وقد حولت غزة إلى مدينة من الركام خلال عام من حرب فظيعة، ثم اتجهت منها إلى الضفة، متصورة أنها قادرة على اقتلاع ما تبقى من مقاومة فى كل الأراضى الفلسطينية، وها هى تستغل حادثا فرديا لإحكام محاصرتها للضفة، بل تحاول هز استقرار الأردن الشقيق لإثارة الفوضى بين ربوعه، وتهجير أهالى الضفة.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: