نائبة الرئيس كامالا هاريس ليست قليلة الحيلة، وقد حملتها موجة نضج ليبرالية دفعت بايدن للاقتناع بالرحيل، وموجة وطنية تضع الوطن فوق الطموح الشخصى لرئاسة أخرى حلم بها لأكثر من خمسين عاما. ترشيح هاريس شكل خسارة لعامل السن كان ترامب يعتمد عليها خاصة بعد المناظرة مع بايدن؛ وحصوله على خاتم البطولة بعد حادثة محاولة الاغتيال. ولكن ذلك لم يكن الخسارة الوحيدة، باتت هاريس أيقونة الحزب التى تستدعى انتخاب باراك أوباما الأسود ومعها الأقليات ذات الألوان الأخرى، وحتى لأقلية الأمريكيين الأصلاء المعروفين بالهنود الحمر. تاريخيا فإن الحزب الديمقراطى كان حزب الأقليات، وتجمعها يضمن الفوز خاصة أن الحزب كان أكثر مرونة وسماحة فى التعامل مع الهجرة اللاتينية التى جعلت الأكثرية البيضاء تتراجع نسبتها من الأمريكيين إلى 70%. هاريس أيضا ابنة الطبقة الوسطى ومجمع بين جامايكا والهند التى علمتها فى جامعة الأصول الإفريقية؛ ولكنها صعدت على سلم الكفاءة كمساعدة فى النيابة، ووكيلة نيابة، ومدع عام فى كاليفورنيا ثم عضو فى مجلس الشيوخ عن أهم الولايات الأمريكية وأخيرا نائبة للرئيس على مسافة نبضة قلب،أو نبضة نضج، من الوصول إلى البيت الأبيض.
الرحلة أعطتها الكثير من الخبرة، وبدأت حملتها الانتخابية بإطلاق المعادلة التى سوف تقوم عليها المناظرة مع ترامب: ما بين وكيل النيابة والمدعى العام ومتهم محكوم عليه فى 34 تهمة، وهناك طريق فى المحاكم. تاريخها الشخصى وخبرة أربع سنوات فى البيت الأبيض فى مواجهة هجمات ترامب جعلتها تعرف نقاط القوة لديها بعد أن أصبحت هى الشابة بحيويتها، وهو كبير السن العجوز الفاقد السيطرة على خرف مقاومة التقاليد الأمريكية. الاعتدال ظهر لديها فى قضية الهجرة - سلاح ترامب الأساسى - حينما أعلنت أنها سوف توقع قانونا يدعم أمن الحدود، ووافق عليه الديمقراطيون والجمهوريون، ولكن هؤلاء نكصوا بعد ذلك بعد ضغوط ترامب. هل ستنجح هاريس أم أنها جاءت متأخرة بعد أن استولت الترامبية على أمريكا؟
لمزيد من مقالات د. عبد المنعم سعيد رابط دائم: