أثار اعتقال بافيل دوروف، مؤسس تطبيق «تليجرام»، بفرنسا، الكثير من التداعيات، فالرجل أصبح من كبار أقطاب التكنولوجيا فى عالمنا المعاصر، حيث بدأ فى روسيا، وانتقل إلى دبى، وأصبح متعدد الجنسيات، والكل يحاول أن يضمه إليه (الروس، والأوروبيون، وكذلك الإماراتيون)، فالعرب لم يكونوا بعيدين عن هذا القطب الذى يستحوذ على مليار نسمة من المشتركين، وإذا أردنا أن نصدق الذكاء الاصطناعى فهو قد كتب أن ما حدث مع دوروف ليس قرارا سياسيا بأى حال من الأحوال، فالأمر بيد القضاء، حيث الادعاء الفرنسى يقول إن مؤسس تطبيق تليجرام اُعتقل فى فرنسا كجزء من تحقيق فى جرائم تتعلق باستغلال الأفراد فى مواد إباحية، والاتجار بالمخدرات، ومعاملات احتيالية على المنصة، كما أن الرئيس الفرنسى كان على الخط، فدوروف ليس رجلا عاديا، بل من الأباطرة أصحاب الدم الأزرق المعاصرين.. أصحاب المليارات فى عالم المعلومات والبرامج الجديدة، ولا توجد دوافع سياسية وراء الاحتجاز رغم كثرة التعليقات الكاذبة على الإنترنت، وأن فرنسا مازالت ملتزمة بشدة بحرية التعبير المشروعة. يبدو أن المستثمر الروسى الذكى سيجد تطبيقا جديدا سيحرق تليجرام بعد أن سحقته الحرب الروسية - الأوكرانية تحت أقدامها، وبعد أن سلم التطبيق لروسيا بالفعل وتستخدمه فى مجريات الحرب، المثير للجدل أن الاستهداف الفرنسى كان لأغراض متعددة، أهمها الحرب الروسية، ثم جزء من التهديدات الأوسع التى تواجهها منصات التكنولوجيا فى التوفيق بين حماية حرية التعبير ومكافحة المحتوى غير القانونى، والرسالة الفرنسية، أو الأوروبية، للشركات العاملة فى هذا الحقل أنه لا أحد فوق القانون، فقد تكون هناك تحديات أكبر تتجاوز حدود «تليجرام» لتطول شركات التكنولوجيا الكبرى حول العالم، فالكل يخوض معارك، على سبيل المثال ماسك صاحب «إكس» يواجه انتقادات من قبل صناع السياسات فى المفوضية الأوروبية، بل داخل أمريكا، مثل التحديات التى يواجهها فى البرازيل المتهمة بنشر معلومات مضللة. ويبقى السؤال: هل سيغير اعتقال دوروف مسار رقابة الرقمنة العالمية بما يؤثر على دور المنصات الاجتماعية؟.. الإجابة ستكشف عنها الأيام المقبلة فى ظل تصاعد التوترات بين الحكومات ومنصات التكنولوجيا حول السيطرة على الفضاء الرقمى، وما له من تأثير عالمى.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: