رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

هوامش حرة
أرواح الأماكن

للمكان روح تشبه أرواح البشر، والمكان يشعر بمن فيه حبًا أو كراهية، وهناك مكان يشعر بالحنين لمن هجروه.. وحين يعيش الإنسان فى مكان ما، فقد تتداخل الأشياء ولا تستطيع أن تفصل المكان عن سكانه.. وللأماكن ذاكرة ؛ إنها تحفظ ملامح وجوه سكنتها ، وأحاديث دارت فيها، وصور بقيت على جدرانها. وبعض الناس لا يفرقون بين مكان ومكان، إذ يظنون أنها تتشابه فى كل شيء، لا فرق بين بيت شهد قصة حب وبيت لم يعرف غير الكراهية.. والبيت الجديد قد يحمل الفرح ، ولكنه بلا ذكرى، وفى أحيان كثيرة تكون الذكرى مصدر فرح لا يغيب.. والمكان يعرف الحزن ويحزن على من هجره أو باعه أو فرط فيه.. وأسوأ الأشياء بيع الأماكن ؛ لأنها ليست جدرانًا، إنها أعمار وإحساس ومشاعر.. والإنسان يموت دفاعًا عن وطنه لأنه المكان الذى احتوى أحلامه وذكريات عمره، والذى يفرط فى المكان لا يفرط فى حجارة صامتة، إنه يفرط فى العمر والذكريات والمشاعر.. وللأماكن قدسية فى قلوب البشر حين تضم الأحباب وتصبح مزارًا عزيزًا نَحِنُّ إليه دائمًا..

الخلاصة عندي: قبل أن أبيع البيت لابد أن أدرك أننى أغادر جزءًا من عمري، وأطوى صفحة من ذكرياتي، وأننى سأمر يومًا على هذا المكان وأشعر بالندم لأننى غادرت جزءًا من قلبى ولا أملك الرجوع إليه. الأماكن تشبه البشر، تحزن وتبكى وتعاتب، فلا تترك فى حياتك مكانًا يحزن عليك. حزن الأماكن ثقيل جدًا ولا يُنسى. قبل أن تودع مكانًا عزيزًا، لا تترك له جراحًا؛ كل جدار يتألم، وكل نافذة تبكي، وكل باب حفظ ملامح وجهك سوف يعاتبك حين لا يجدى العتاب.

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: