رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

اجتهادات
فى الطريق المُنحدِر

تطفح ثقافة الغرب الآن بظواهر تبزُ كلُ منها الأخرى فى ابتعادها عن القيم الأخلاقية الموافِقة للطبيعة البشرية، سواء فى السلوكيات أو فى أنماط التفاعلات. والقياسُ هنا على بعض ما كان فى دول الغرب فى مراحل سابقة، وليس على ما ينبغى أن يكون، ولا على ثقافات بلدانٍ ومناطق أخرى للقيم الأخلاقية مكانُ أرفع فيها بغض النظر عن أحوالها الفعلية. وما الدعم والترويج للمثلية الجنسية، ومحاولة نشرها فى مناطق أخرى قى العالم، إلا واحدةُ من هذه الظواهر، سِوى أنها الأكثر وضوحًا. دعمُ هائل لزواج المثليين والمثليات، ولمزدوجى التوجه الجنسى، وللتحول الجندرى، فضلاً عن حماية الفجور والإباحية، وازدراء الأديان، باستثناء اليهودية الصهيونية المحمية بنفوذٍ يؤثرُ فى مجتمعات بلدان غربية، وليس فى سياسات حكوماتها فقط. والحجة التى يُشهرُها المدافعون عن هذه الظواهر المرضية، ويتأثر بها مثقفون فى بلدان غير غربية، هى الحرية الشخصية حسب آخر تأويلاتها. فقد كانت لهذه الحرية مساحتها المحفوظة فى الثقافة الليبرالية الكلاسيكية منذ بزوغها، عبر مفهوم الحيز أو المجال الخاص الذى لا يجوز للغير التدخل فيه. ولكن هذه المساحة كانت محدَّدةً بوضوح فى حرية الاعتقاد واختيار نوع الحياة التى يعيشها الفرد، شاملاً ما يلبسه ويأكله ويشربه ومكان أو أماكن إقامته وما إلى ذلك من تفضيلاتٍ واختيارات شخصية. وكانت لتلك المساحة المحفوظة حدودُ لا تتعداها أهمها ألاَّ تؤثرَ حريتُك على حريات الآخرين أو تنال منها. ويعنى هذا المُحَدِد ضمنًا عدم إيذاء الآخر، الأمر الذى يتطلب الامتناع عن قولٍ أو فعلٍ يمس كرامته ومشاعره، وليس عن الاعتداء عليه جسديًا أو لفظيًا فقط. إيذاءُ شخصٍ واحد بهذا المعنى كان مكروهًا ومُستنكرًا، وما زال. ولكن إيذاء مليارات الأفراد دفعةً واحدة، عبر ازدراء أديانهم والنيل من مقدساتهم وجرح مشاعرهم ومحاولة فرض أنماط حياة شاذة عليهم، مقبول الآن، بل مرغوب يُشَجع ويُرَوج بشكل متزايد. ومع ذلك فإذا كان هذا الانحطاط الأخلاقى يؤذى كُثرًا فى العالم، فأذاهُ الأعظم يقع فى المجتمعات التى يحدثُ بها إذ ينخرُ فى عظامها ويمزقُ نسيجها فى الطريق المُنحدرِ الذى تتجه إليه.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: