خطوةُ مفاجئة اختلفت الآراء والاجتهادات بشأنها ومازالت، ولكنها تبدو متسقة مع ما آل إليه الوضع فى المنطقة نتيجة التصعيد الصهيونى الهستيرى والدعم الأمريكى لجرائم الإبادة. أحبط الصهاينة وحلفاؤهم جهود التفاوض على صفقة صغيرة، وتلاعب كبيرُ مُجرميهم حتى بفريقه المُفاوض واستمرأ التدليس على الوسطاء، فصار الطريقُ إلى أى مفاوضاتٍ سلمية موصدًا تمامًا، وفُرض على المقاومة الفلسطينية وحلفائها استمرارُ القتال إلى أجل غير مُسمى، ووُضعت المنطقة كلها على حافة هاوية. فى هذه الأجواء يمكن فهم قرار انتخاب يحيى السنوار «أبو إبراهيم» رئيسًا للمكتب السياسى المركزى لحركة «حماس» إلى جانب فرعه فى قطاع غزة. ينطوى هذا القرار على رسائل فى اتجاهاتٍ عدة. ومنها على سبيل المثال فقط أن هجوم 7 أكتوبر الماضى ليس محل خلاف داخل الحركة. ربما لم يتحمس له بعضُ قادتها فى البداية، ولكن تفكيرهم اختلف بعد ذلك. قد لا يكون أعضاء مجلس شورى الحركة كلهم متحمسين لاختيار السنوار، ولكن لم يعد ثمة خيار آخر أمامهم فى الوضع الراهن. وهذه رسالةُ إلى الصهاينة وحلفائهم مؤداها أن إعادة الصراع إلى مربع المعركة الصفرية لا تُفيدهم بل تضع مشروعهم الاستعمارى فى مهب الريح. فأصحابُ الأرض هم الأقدر على الصمود فى صراعات الوجود، وليس المستعمرون الدخلاء. ولهذا تبدو هذه الخطوة المفاجئة نتيجة طبيعية لوضع خلقه الصهاينة وحلفاؤهم. ولكن ليس واضحًا بعد ما إذا كانت مؤقتة أو قابلة للمراجعة فى حالة تغيير الوضع الذى أدى إليها. وفى الحالتين يظل انتخاب نائب لرئيس الحركة ضروريًا لتسهيل التواصل مع الأطراف المختلفة. وليس معروفًا أيضًا هل انتُخِب ولم يُعلن اسمه، أم أن ثمة صعوبة فى الاتفاق على أحد قادة الحركة فى الضفة أو الخارج، فى ظل عدم جواز أن يكون الرئيسُ ونائبه من المنطقة نفسها، مما يعنى استبعاد خليل الحية، فى الوقت الذى يتعذر فيه التوافق على خالد مشعل بسبب مواقفه السابقة تجاه إيران وسوريا. وهكذا تبقى الأسئلةُ أكثر من الإجابات، ومن بينها سؤال مهم عما إذا كان اختيار السنوار تغليبًا للجناح العسكرى على السياسى، وهو ما نبقى معه غدًا.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: