لم تقصد أمريكا بانتشارها العسكرى فى منطقتنا (الشرق الأوسط) أن يكون ذلك إنذارا بالحرب، وإنما هو حرب فعلية ضد إيران وحزب الله فى لبنان، صاحبته رسالة تحذير خطيرة، ومباشرة، لإيران، مفادها أن أى هجوم منها سيعنى تدمير حكومتها، المنتخبة حديثا، عسكريا، واقتصاديا، وكانت هناك مخاوف، ومازالت، من حزب الله الذى رصد تقرير أن معظم الصواريخ التى يطلقها ليست دقيقة، وأن الرد الإسرائيلى إذا أصابت هذه الصواريخ مدنيين سيكون «غير متناسب»، وهذا يعنى أن تل أبيب ستضرب مراكز اتخاذ القرار. أعتقد أن كل الذى يحدث فى منطقتنا لم يعد تهديدات خطيرة فقط، ولكنه الحالات التى تسبق الحروب الإقليمية المتعاظمة، فكلما يظهر ضوء فى آخر النفق تقوم إسرائيل بتقويض أى مرحلة قد تستدعى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وفى هذا الإطار أشيد برسالة، الاتحاد الأوروبى، أو الحكومتين الراهنة فى واشنطن أو المقبلة اللتين رفضتا سياسات نيتانياهو بوضوح، وقررتا أنه لا مجال للمناورات السياسية أمام نيتانياهو مرة أخرى، وضرورة وقف حرب غزة، كما أقف أمام تحذيرات النرويج التى هددت بعواقب وخيمة لما وصفته بـ«تطرف الحكومة الإسرائيلية»، وقد ذكرّنى هذا التحذير بدور النرويج السياسى الرائع فى الوصول إلى اتفاق «أوسلو» للتعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك التحرك المصرى- القطرى- الأمريكى فى هذا الاتجاه الذى سيكون مؤثرا للغاية. وأخيرا، لم يعد هناك مجال للمناورات السياسية الإسرائيلية، فقد انكشف اليمين الإسرائيلى، ليس أمام الشعب هناك، بل أمام العالم كله، وهذا لا يعنى أننا وصلنا الى نهاية المناورات السياسية فى حرب غزة التى هى سمة إسرائيل منذ أن انطلقت حربها الملعونة على الأشقاء فى غزة، بل منذ أن قامت باحتلال فلسطين، فستستمر هذه المناورات، لأن هناك عقلا أمريكيا وإسرائيليا يدرك ما يحدث، ويخطط له، ولكن على كل حال هذا المسرح ينبهنا لما يحدث، وسيحدث فى المنطقة، لذلك يجب على الدول العربية التكاتف لوقف الدماء الفلسطينية التى تسيل فى غزة كل يوم.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: