وكأن الأخبار الصادرة من إسرائيل، طوال الاثنين الماضى، كانت تتعمد المداراة على أشياء، فى تغطية الحدث الغريب الذى اقتحم فيه ما قال الخبر الأول إنه أعداد غفيرة من المستوطنين مركز اعتقال (سِدِى تيمان) المخصص لاعتقال الفلسطينيين! ثم تبين أن أعضاء من الكنيست من كتلة اليمين يتضامنون مع المقتحمين، وأنهم جميعاً يشتبكون مع قوة حراسة المعتقل! ثم قيل إن المقتحمين يريدون الإفراج بالقوة عن جنود إسرائيليين من فرقة العمل بالمعتقل أسرتهم الشرطة العسكرية بتهمة اغتصاب أحد الأسرى الفلسطينيين، وإنه تم تحويل ضحيتهم لأحد المستشفيات للعلاج مما أصابه! ومن الغرائب الكثيرة أن قوة الشرطة لم تتدخل للقيام بواجباتها فى التصدى للمقتحمين المنتهكين للقانون جهارا، لأن وزير الأمن القومى هو إيتمار بن غفير أحد قادة الإرهاب الذى يتولى بنفسه إدارة مثل هذه الأعمال، التى منها تسليح وحماية كل من يعتدى على الفلسطينيين أفرادا أو جماعات.
أضِف أيضا أن هذه الواقعة تحدث بينما إسرائيل فى حالة حرب مُرَكَّبة، على جبهتين ضد حماس وحزب الله، كما أنها تخطط لتوسيعها! وهذا ما أشار إليه رئيس الأركان، هيرتسى هاليفى، عندما ناشد المقتحمين بالتراجع، لأن الوضع الإسرائيلى العام لا يحتمل قلاقل واضطرابات وانشقاقات، وقال إيضاً إن التحقيق مع المتهمين باغتصاب الأسير الفلسطينى أمر فى مصلحة إسرائيل لأن سُمعتها فى حاجة لأن تَحسِم هذه الأمور وألا تترك مثل هذه الاتهامات عالقة ضد جنودها وجيشها! لاحِظ أن رئيس الأركان صاغ عباراته بما يَفهم المقتحمون منها أن الأمر الذى يتخوفون منه لا يعدو إجراء تحقيق، بما يُوحِى لهم بتبرئة المتهمين أو حِفظ التحقيق بصورة أو بأخرى.
هذه الواقعة إحدى وسائل الإيضاح لقوة اليمين المتطرف فى إسرائيل، الذى تتهافت أجهزة الدولة أمام انتهاكاته الكبرى للنظام العام، برغم أن الأجهزة مدعومة بالقانون الذى يُغلِّظ العقوبات على مثل هذه الجرائم فى حالة الحرب! إلا أن العالَم يشاهِد تواطؤ بعض صقور اليمين، من أعضاء الكنيست والوزراء، فى المشاركة عملياً فى الانتهاكات، ثم فى الدفاع عن مقترفيها أمام الكنيست وفى مجلس الوزراء وكذلك فى مجلس الحرب، مع نفوذهم فى الإعلام والسوشيال ميديا!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: