رئيس مجلس الادارة

د. محمد فايز فرحات

رئيس التحرير

ماجد منير

رئيس التحرير

ماجد منير

موسوعة بور فؤاد.. ولا لعودة ديليسبس

فى مثل هذه الأيام من شهر يوليو 1956 استجاب الرئيس جمال عبدالناصر لإرادة المصريين فى تأميم قناتهم واستردادها من الشركة الفرنسية التى سيطرت وتحكمت وامتصت خيراتها لأكثر من مائة عام ووضعت تمثال الأفاق ديليسبس الذى قاد عملية من أكبر عمليات السخرة فى التاريخ واستشهد فيها أكثر من 120 ألف فلاح مصرى ومات ديليسبس فى بلاده محكوما عليه بالسجن فى جرائم فساد فى قناة بنما .. وقد اكتشفت فى أرشيفى عن قناة السويس مئات المقالات التى كتبتها لإدانة محاولات إعادة وضع تمثال ديليسبس فى مدخل القناة وانتهت بقرار من الدولة انتصر للوطنية المصرية ونقل التمثال إلى الإسماعيلية حيث كان البيت الذى كان يقيم فيه ديليسبس وطالبنا بأن يوضع إلى جانب التمثال الوثائق التى تكشف وتدين هذا الأفاق الذى استغل صداقته بالخديو سعيد لينفذ مشروع ربط البحرين المتوسط والأحمر بقناة بحرية تعود فكرتها إلى أجدادنا الأوائل وكررت كثيرا التساؤل مع جميع الوطنيين من المصريين ومن أبناء بورسعيد عن كيف نفسر للعالم أن نضع على مدخل قناتنا تمثال مجرم مات فى بلاده محكوما عليه بالسجن وجعل قناة السويس وسيلة لتحقيق المطامع الاستعمارية فى بلادنا وأسقطه أبناء بورسعيد رمزا لانتصارهم على العدوان الثلاثى 1956 وما حدث قبلها من سيطرة الشركة الفرنسية على القناة وأموالها وأفلس خزائنها وباع نصيب مصر فى أسهم قناتها ويمثل إعادة تمثال ديليسبس إلى مدخل القناة كما عادوا يجددون مطالبهم تجديد عقد الإذعان لمطالب الجماعة التى تكونت فى فرنسا عقب التأميم باسم أصدقاء قناة السويس رغم ان الخزانة المصرية دفعت 90% من تكاليف حفرها علاوة على نهب دخل القناة لأكثر من مائة عام وظلت محورا لصراع المصالح الاستعمارية الانجليزية والفرنسية فى المنطقة ولمستعمراتهم فى شرق أسيا وكانت من أسباب الاحتلال البريطانى لبلادنا نتيجة خيانة ديليسبس لعرابى كما ندرس لأولادنا فى منهج الصف الثالث الابتدائى ومنهج ثالثة أعدادى عن التدخل الأجنبى فى مصر، فهل سنضع تمثال من يمثل كل هذه الرموز الاستعمارية على مدخل قناتنا؟!. وماذا يعنى ألا تتوقف منذ سنوات محاولات إعادة التمثال المهين إلى مدخل القناة فى بورسعيد؟!. لقد كان قرارا حكيما من الدولة بالاستجابة للإرادة الشعبية الوطنية لكفاح أبناء بورسعيد وعدم إعادة وضع التمثال إلى مدخل القناة ووضعه فى الإسماعيلية وصار إسقاط التمثال المهين فى 24/12/1956 بعد انتصار المقاومة الباسلة لابناء بورسعيد على العدوان الثلاثى والذى أصبح رمزا من أهم رموز مواقفنا وأعيادنا الوطنية وكذلك يجب الانتباه إلى عدم تقديم معلومات خاطئة للحكومة مما جعلها توقع قرارا باعتبار تمثال رمز الإفك وخيانة مصر وخراب خزانتها تمثالا اثريا، هذا القرار الذى استند إليه المدافعون لإعادة التمثال المهين إلى قاعدته فى مدخل قناة السويس.. هذا الديليسبس الذى اطلق عليه مؤرخ انجليزى لقب أبرز أبطال السخرة فى التاريخ!

وأعيد التساؤل كما تساءلت من قبل من يريد أن يهين تاريخنا برفع تمثال لمن ارتكب هذه الجرائم والخطايا فى الوقت الذى لا نواصل فيه المطالبة برفع التمثال الذى يضع فيه شامبليون حذاءه على رأس أحد ملوكنا العظام فى مدخل جامعة السوربون؟! وأؤيد بقوة حملة عالم الآثار الكبير .د. زاهى حواس لاسترداد رأس ملكتنا العظيمة نفرتيتى الذى سرقته بعثة ألمانية وقيل إن هتلر ومن فرط روعة وعظمة التمثال هدد بحرب على كل من يحاول إخراج ملكتنا العظيمة من بلاده... أثق ان جميع الأمناء على كرامة وتاريخ بلدنا يؤيدوننى بشدة كما سبق وفعلوها فى محاولة سابقة لإعادة التطاول على تاريخنا بإعادة تمثال الأفاق ديليسبس إلى مدخل القناة.

ولن ابتعد بالقارئ العزيز عن بورسعيد ولكن سنعبر قناة السويس إلى مدينة بورفؤاد لأقتطع سطورا من المقدمة التاريخية التى كتبها ابن بورسعيد ومؤرخها الكبير ضياء القاضى لتنضم إلى الأطلس التاريخى الذى كتبه عن بطولاتهم وإفشالهم وطردهم الغزو الثلاثى 1956 فى ثلاث طبعات وموسوعة تاريخ بورسعيد من أربعة اجزاء فى طبعتين، طبعة واحدة منها بالهيئة المصرية للكتاب. ويقول المؤرخ الكبير عن سبب إعداده لموسوعة عن بورفؤاد رغم أنها فى النهاية نشأت كجزء من مدينة بورسعيد ويتوقع لها فى المستقبل القريب ان تستقل كما استقلت الإسماعيلية والقنطرة بعد ان كانتا تابعتين لبورسعيد وإن كنت أرى انفصال بورفؤاد عن بورسعيد سيفقدها الكثير من بهائها وجمالها، أما السبب الثانى لإصدار هذه الموسوعة الضخمة فيقول المؤرخ الكبير إنه قرب الاحتفال بمئوية ميلادها وهى مناسبة لا تتكرر إلا كل مائة عام .. يتحدث المؤرخ الكبير ضياء القاضى كيف يستقوى ويهزم تقدم العمر وتراجع الصحة والقدرة بمتعة كتابة هذه الموسوعة .. ومع الدعاء له بالصحة والعافية فقد كتب ما يتجاوز مائتى صفحة عن العام والخاص والجاد والطريف من الأحداث التى صاحبت تكوين وتطور المدينة وقدمت نموذجا لعناق الرسالات السماوية وامتزاج حضارات الشرق والغرب الذى تجلى فى عشق الأجانب للحياة فى بورسعيد وبورفؤاد..لقد عشت فى مدينة بورفؤاد أجمل أيام طفولتى وكنت أتمنى أن يحمل غلاف الموسوعة بدلا من صورة الملك فؤاد التى سُميت باسمه مجموعة من صور النضال الشعبى لأبناء المدينة وصورة المعدية التى تعبر بك بين إفريقيا وآسيا وخاصة المعدية الصغيرة الأنيقة التى كانت أقرب لسفينة بحرية بمبلغ زهيد وأثق أن أبناء الأجيال الجديدة لم تسمع عن هذه العملات وكم أتمنى أن يتواصل محافظ بورسعيد الجديد اللواء محب حبشى مع أجيال بورسعيد الأصيلة وفى مقدمتهم مؤرخها الكبير ضياء القاضى ليعاونه فى استرداد مقومات جمالها كمدينة من أجمل وأشهر مدن البحر المتوسط.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: