غزة أرض المنعة، والعزة تعيش أدق، وأصعب أيامها التى لم تمر على البشرية فى حروبها القديمة، والحديثة مثلما مرت عليهم، لكن أطفالها هزموا العدو الإسرائيلى، وأن دماءهم سالت من أجل الحرية لبلدهم فلسطين.
إن غزة (أقدم مدن العالم) تجدد رؤيتنا للشرق الأوسط كله بشجاعة، وبسالة، فقد تفوقت على كل مدن العالم فى كل الحروب، وفى كل العصور القديمة، والحديثة، وقد أثبتت أن الحل العسكرى لن يُجدى معها، رغم أنها بلا سلاح إلا أرواح أبنائها، ولن ينفع الحصار الكامل لها، أو منعْ كل سبل الحياة عنها لكى يستسلم أهلها، وقد هُزمت إسرائيل وهى تدمر المدينة الجميلة، والمخيمات، وانكشفت ألاعيبها أمام المستشفيات التى دمرتها كلها، وقتلت المدنيين الأبرياء اللاجئين فى المدارس، والمستشفيات، والمساجد خوفا من هدم البيوت عليهم، وجعلت أكثر من٧٠٪ منهم نازحين.
لم ينتصر الإعلام العربى وحده لغزة حينما كشف الجريمة الكبرى بالصوت والصورة، رغم أن إسرائيل اغتالت عشرات الصحفيين الفلسطينيين، والعرب، حيث لم يستطع الإعلام الغربى أن يتجاهل أبناء غزة الرائعين وهم يقاومون الإبادة الجماعية بشجاعة، وبسالة، وروح إنسانية وثابة، فقد وصفتهم إميلى كالى كالاهان، الممرضة الأمريكية، فى حديثها لمحطة CNN بالشجاعة، والإنسانية، وقالت إنها تتمنى أن تعود لغزة، وأهلها، وإنها ستكون سعيدة إذا ماتت وكان فى قلبها ذرة مما فى قلوب الغزاويين، فقد كانوا يساعدوننا لنعيش، ونخرج خارج غزة، وأهاليهم يموتون، وكانوا يخدموننا وهم يعرفون أنهم يموتون، ويساعدوننا قبل أن يساعدوا أنفسهم، بل من يجد ماء، أو طعاما يعطيه لزميله، أو طفله، فأى إنسانية هذه؟!.. إنها روح أهل الجنة، وليس أهل الدنيا.
لقد أبكتنى الممرضة حينما قالت إنها لم، ولن ترى شعبا بروعة أهل غزة، وأعتقد أن الكثير سوف يُنشر عن هذه الملحمة التى تكتبها غزة بدماء أبنائها وهم يُقصفون من البر، والبحر، والجو من المحتل الإسرائيلى، بمباركة حلفائه (أمريكا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا) منذ أكثر من 40 يوما، ويمنعون عنهم المياه، والكهرباء، والغذاء، والدواء، ولم يبق لهم إلا الهواء الذى لوثته القنابل، والتدمير المنهجى الشامل للمدينة.
لمزيد من مقالات أسامة سرايا رابط دائم: