رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الاتجار بالعلم والآثار ومصائر البشر

رغم بعد المسافات لكن رائحة الحزن والموت تملأ المنطقة .. عزاء لأهالى ضحايا الزلازل والأعاصير والفيضانات فى المغرب وليبيا والباحثين من المصريين عن لقمة العيش، حيث يتأكد كل يوم للأسف ما أعلنه خبراء البيئة من أن الأرض فى حالة غليان دمرتها الكيانات والدول التى تعتبر نفسها سيدة الأرض ومن حقها أن تتحكم فى مصيرها وتتخلص من السكان الأكثر ضعفا واحتياجا للإنقاذ، وعلى رأسهم أبناء القارة السمراء ويعلنونها بلا خجل مما يؤكد أهمية دعوات تجمع بريكس وقمة العشرين لعولمة تضع الإنسان فى بؤرة الاهتمام، كما يقول رئيس وزراء الهند ويثمن دعوة الرئيس السيسى لنظام عالمى متعدد الأطراف وتطوير مؤسسات التمويل ووضع حلول مستدامة لمشكلات الدول النامية التى يجب أن تشحذ قواها وتعود منتجة خاصة لغذائها وتتوقف عن الاستدانة. 

وهناك من الأحداث والوقائع ما نعيشه ويجعل الغليان ليس فى البيئة وأحوال وسخونة الأرض والمناخ فقط، ولكن ما يجعل الغليان إنسانيا واجتماعيا وثقافيا وتربويا وتعليميا ...!! لقد تلقينا تعليمنا الجامعى فى عدد محدود من الجامعات الرسمية الكبرى التى كنا نباهى بتلقى العلم فيها باعتبارها لا تقبل إلا المتفوقين وأصحاب المجاميع العالية من خلال مكتب التنسيق ... ونتلقى محاضراتنا فى مدرجات واحدة وبنفس الأساتذة الأجلاء، ويحصل المتفوقون على منح مالية شهرية وكنت واحدة منهم وخارج هذه المنح كان أساتذة الصحافة الذين يأتون لإعطائنا محاضرات يقدمون مكافآت تفوق ومن الأستاذ مصطفى أمين حصلت على عشرة جنيهات مرة واحدة وسط تصفيق الطلبة والطالبات الذين اكتظ بهم المدرج الكبير لكلية الآداب .

استدعيت هذه الذكريات وأنا أقرأ السبت الماضى أعجب ما يمكن أن أقرأه على صفحة « هنا الجامعة» بقلم الكاتب الكبير رفعت فياض تحت عنوان عريض يقول إن البرامج المميزة بمصروفات بدأت تغزو الجامعات الحكومية وتنذر بألا تكون الدراسة المميزة فى الجامعات الحكومية الملاذ الآمن لأبناء المصريين إلا لمن يدفع المصروفات التى تقررت لما يطلق عليه الدراسات المتميزة، وهى وفق المنشور 121 ألف جنيه لطب القاهرة و99 ألفا للأسنان و98 ألفا للهندسة و4 برامج بالزراعة وأن أجمالى الرسوم فى كل برنامج يتحدد بناء على عدد الساعات المعتمدة التى يختارها الطالب ـ وتصل الساعة المعتمدة وبعضها باللغة الانجليزية إلى 522 جنيها، بالإضافة إلى رسوم إدارية 1663 جنيها وتنقسم الدراسة بكلية الآداب إلى 9 برامج جديدة وتتراوح المصروفات بين 30 ألف جنيه و25 ألف جنيه !!. 

◙ ابتداء أرجو الا أكون قد أسأت الفهم وأن أجد إجابة  للفرق بين ما يتلقاه الطالب فى التعليم الجامعى بمصروفات، وبين من لا يملك ان يدفع وماذا اذا كان من لا يملك أن يدفع يملك مستوى علميا متفوقا، هل يحرم من التعليم المتميز الذى يتاح لمن يدفع المصروفات فقط !! وإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا أقسام بمصروفات فى جامعات حكومية؟! الا تكفى المصروفات فى الجامعات الخاصة وقد وصل عدد هذه الجامعات إلى 45 جامعة والتى تتيح دراسة الطب بمجموع يصل إلى 75% كما نددت نقابة الأطباء وكيف سيعرف المريض إذا كان سينام بين أيدى طبيب كفء حصل على درجته العلمية بكفاءته وتفوقه أو اشتراها بمصروفات!! هل نريد أن نقول لأبنائنا إن العلم أصبح يشترى بالمال!! نعم يعيش الإنسان زمانا تتحكم فيه المادة للأسف فى كل شيء، ولكن هل نتركها تقوض القيم الحضارية والثقافية والإيمانية التى استقوت بها وستظل بإذن الله عبر تاريخها الطويل والعميق والحافل بالنجاحات والانجازات، واذا كانت الظروف الاقتصادية والصراع والحروب التى تعصف بالعالم كله تبرر أن يدخل المال شريكا فى طلب العلم فليكن فى الجامعات الخاصة مع الرحمة الواجبة فى كل شىء ولكن اتركوا جامعاتنا الكبرى التى خرجت أعظم الأساتذة الأجلاء من الجنسين ـ أتركوها لمن لا يستطيعون أن يشتروا العلم مع منح امتيازات للطلبة والطالبات المتفوقين وبما يؤكد أن العلم والاجتهاد والتفوق سيظل لها مكانتها فى الحفاظ على الشخصية المصرية مع سائر أرصدتها التاريخية من حضارة وقيم ومبادئ واعتزاز وكرامة وطنية لا تشترى بأموال الدنيا التى ستزول يوما ولو كانت جبالا.

◙ الحملة الوطنية التى يقودها عالم الآثار الكبير .د. زاهى حواس لاسترداد ما نهب من آثارنا وفى مقدمتها حجر رشيد وزودياك دندره والتى كما كتبت فى أكثر من مقال سابق أنها مواصلة آثمة للتاريخ الاستعمارى لإنجلترا وفرنسا، وضرورة اتخاذ جميع الإجراءات القانونية على المستوى الدولى التى تحرم وتجرم سرقة الآثار والاتجار بها وبالمسروق منها، بعد ان أعلن أخيرا عن سرقة 2.000 قطعة أثرية من المتحف البريطانى، واذا كان د. حواس قد وجه دعوة لمحمد صلاح نجم الكرة بكل ما له من جماهيرية فى بريطانيا للتحدث باسم حماية آثار بلاده وردها إلى مصر، فإننى أدعو أيضا وزير السياحة والآثار السيد أحمد عيسى للمطالبة باسم الشعب والدولة المصرية بإعادة آثارنا إلى بلادها كجزء من الجهود التى يقوم بها الوزير للترويج لسياحة الآثار التى أثبتت الإحصاءات الرسمية للأسف ان مصر ليست من العشر الأوائل فى أعداد من يزورونها من سياح والتى تتصدرها فرنسا التى تعد المسلة المصرية وقسم المصريات بمتحف اللوفر أهم مقصد للسياح !!!! وأدعو صحيفة الأهرام العزيزة الى المشاركة فى تبنى هذه الحملة الوطنية كجزء من تبنيها لأهم الحملات القومية، وقبل أن تفاجأ الأجيال الجديدة بسرقة أعظم آثار أجدادها، وصدور قوانين تمنع استردادها، ومرة أخرى ودائما ارفعوا التمثال المهين لمصر الذى يضع فيه شامبليون قدمه على رأس ملك مصرى عظيم فى مدخل كبرى الجامعات الفرنسية.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: