رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تحرك مصرى لإغاثة الأشقاء

تحركت مصر على الفور لإغاثة منكوبى كارثة العاصفة المميتة فى ليبيا والزلزال المدمر فى المغرب، ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بسرعة إرسال مواد الإغاثة وإرسال عشر طائرات عسكرية، وعلى متنها فرق مدربة على أعمال الإنقاذ والإغاثة، وفرق طبية، ومعدات وأجهزة وخيم ومواد تموينية وإعاشة، وأقلعت الطائرات تباعا تحمل المساعدات العاجلة، والأجهزة والأدوية والطواقم الطبية، ومعها سيارات إسعاف مجهزة بمعدات العناية الفائقة بالمصابين، إلى جانب معدات للبحث والتنقيب وإغاثة المنكوبين فى المناطق النائية، والبحث عمن تقطعت بهم السبل.

وشملت طائرات مروحية ومعها فرق عسكرية مدربة على الأعمال الصعبة فى الطرق الوعرة والطقس السيئ، وبالطبع كانت القوات المسلحة المصرية فى مقدمة المتجاوبين مع نداء الأشقاء، حتى قبل أن يطلبوا المساعدة، فالإعداد للتحرك السريع جرى فور سماع الأنباء عن زلزال المغرب وعاصفة ليبيا، وتشكلت قيادة إدارية تتولى التوجيه والمتابعة وتوفير احتياجات القوات المتوجهة لتنفيذ عمليات الإنقاذ والإغاثة. ولم يكن التحرك المصرى السريع والواسع غريبا على قواتنا المسلحة، فمصر تعتبر مصاب البلدين الشقيقين مصابها، وتتألم لألمهما، فما يجمعنا بالشعبين الليبى والمغربى تاريخ طويل وأواصر اللغة والدين والدم، وقربنا من الشعب الليبي، والتداخل بين شعبينا جعلا لشعب ليبيا حقوق الجار والقرابة، ولهذا كان تواجد فرق إغاثة مصرية ضخمة فى ليبيا طبيعيا، وقد سقط ضحايا مصريون بين أشقائهم فى ليبيا، وجرى إعادة جثامين الكثيرين منهم، بعدد يفوق 80 ضحية حتى الآن، لكن مأساة ليبيا أن هناك أعدادا كبيرة من المفقودين، بعضهم جرفتهم مياه السيول إلى البحر، وآخرون مازالوا تحت الأنقاض أو فى تجمعات المياه أو غمرتهم الرمال التى جرفتها السيول.


مواساتنا لأهلنا وأشقائنا فى ليبيا كانت بالتحرك السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فى سباق مع الزمن، فالعاصفة غير مسبوقة فى تاريخ ليبيا، ولهذا داهمت أهلها الذين لم يتخيلوا أن تؤدى إلى كارثة بهذا الحجم، لأنهم لم يألفوا ولم يسمعوا شيئا من ذلك قد حدث فى تاريخ بلدهم، وكانت ليبيا قد تعرضت لمأساة الربيع العربي، التى مازالت بصماتها السوداء جاثمة على المؤسسات الليبية التى لم تستعد دورها بسبب الأزمات السياسية التى أعقبت موجات الإرهاب المتلاحقة، وكانت ليبيا تحاول لملمة جراحها، وإعادة بناء مؤسساتها المتوقفة منذ 2011، ومصر فى ظهرها تؤيد وتساعد وتدعم التوصل إلى حلول تراعى مصالح الشعب الليبي، وترفض التدخلات الخارجية، وتدعم استقلال القرار الليبي، ومازالت المساعى المصرية لمساعدة الليبيين على توحيد قرارهم، ودعم استقلال ووحدة أراضى ليبيا وسيادتها، وتتمسك مصر بهذه الثوابت التى تجعل ليبيا لشعبها، ثروة وأرضا، لتمكنها من إعادة بناء مؤسساتها دون تدخل أجنبى له مآربه الخاصة على حساب الشعب الليبي، فالموقف الداعم لشعب ليبيا لا يقف عند مستوى واحد، بل يتجسد فى شمول العلاقة الوثيقة بين الشعبين، وتلاحمهما التاريخي، ولهذا كانت الاستجابة لغوث المنكوبين تلقائية، وكأن مصر وجيشها يتوجهان إلى سيناء أو مطروح، فما يؤلم الشعب الليبى يؤلمنا، وما يسعده يفرحنا، وهذا تجسيد لعلاقة أخوة حقيقية، تتجاوز أى حسابات.

أعلم أن الألم عميق والخسائر فادحة، والجهد سيكون طويلا حتى تضمد ليبيا جراحها، لكن توحد الليبيين فى مواجهة الكارثة، والهبّة السريعة لمن فى الغرب لإنقاذ المنكوبين فى الشرق تؤكد وحدة ليبيا وعزم شبابها على إكمال مسيرتهم نحو التوحد وإعادة البناء.

إن زلزال المغرب الذى لم يحدث له مثيل منذ نحو قرن، وسيول ليبيا التى لم تشهد مثيلا لها على الإطلاق يعطياننا درسا بأن نكون على أهبة الاستعداد لكل الطوارئ، ولدينا الوقت للتحقق من سلامة مخرات السيول، وتحديد المناطق المهددة، والمساكن المعرضة للانهيار، والمبنية بدون تراخيص، أو تجاوزت الارتفاع المسموح به، وأن نراجع ونحسن شبكة المجارى وندعم المناطق المنخفضة التى تتجمع فيها المياه، وتشكيل فرقة تدخل سريع مجهزة، وعلى اتصال بمختلف المرافق، وأن تتم مراجعة سلامة تلك المرافق قبل حلول الشتاء، وعند حدوث أى إنذار باقتراب عاصفة، فنحن ندرك تماما أن هناك متغيرات مناخية حادة، وأن نعد العدة لمواجهة تلك المتغيرات، وأن ندرس تأثيرها، ونعمل على تجنب أضرارها، ونستفيد من الأمطار الغزيرة، بالعمل على تحديد مساراتها أو إنشاء سدود صغيرة بعيدا عن المناطق المأهولة، وأن نتأكد من قدرتها على التحمل، وأن ننشئ شبكة مصارف ولو بأجهزة الحفر الميكانيكية فى الأماكن التى يمكن أن تكون خطرة حين تتعرض مصر إلى عاصفة.

فلا يجب أن ننتظر حدوث الخطر، بل علينا أن نسبقه بخطوات، وأن نسد كل الثغرات، وأن ندرس المأساة فى ليبيا ونتعرف على أسباب الكارثة بدقة، حتى نساعد أشقاءنا الليبيين فى عدم تكرارها، وأن تراعى إعادة البناء تجنب كل السلبيات، وأن نستفيد من تلك المأساة فى أن نحصن مصر من التعرض لأضرار خطيرة، فالتغير المناخى لا يتعلق بالدولة الليبية المجاورة، والعاصفة كان يمكن أن تنحرف شرقا وتضرب السلوم ومرسى مطروح والإسكندرية، فالعواصف لا تعرف الحدود، وتجاوزت درجة الحرارة فى مياه البحر المتوسط 30 درجة مئوية لأول مرة، وهذا يعنى أن منطقة المتوسط ستكون مركزا لتيارات ومنخفضات هوائية تزيد عددا وشدة.

ولهذا فإن الاستعداد لأى طارئ يجب أن يكون جديا، مع توعية السكان بكيفية التصرف، وأن تكون لدينا خطط جاهزة واستعدادات مبكرة لأى أزمة، فالشدائد والتحديات هى أكبر معلم، ووقوفنا إلى جانب الشعب السودانى فى محنته، وتقديم العون لشعبه، ثم المغرب وليبيا سيجعلنا أكثر قدرة على مواجهة الأزمات، وأكثر توحدا، ويمكننا تنسيق الجهود الإغاثية مع أشقائنا، حتى نحقق الأمن والسلام والتنمية لشعوبنا، وأتضرع إلى الله أن يسعنا برحمته.


لمزيد من مقالات بقلم ــ عـــلاء ثابت

رابط دائم: