رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
الأخلاقُ .. ومعنى الحياة

أضنى البحثُ عن معنى الحياة والوجود غير قليلٍ من الفلاسفة والمثقفين طول التاريخ المُوّثق. واختلفت إجاباتهم عن سؤالٍ لا جواب نهائى عنه. سُئل كثيرًا هل للحياة معنى، وما هو مادام الموتُ محتومًا؟ وإذا كان لها معنى يضفيه كلُ شخصٍ عليها حسب تكوينه ومزاجه وثقافته وحالته الذهنية، فما الذى يبقى منه بعد وفاته؟. وإذا بقى شىء من هذا المعنى، أليس مصيرُ الكون كله إلى زوال؟

غاب المعنى الفلسفى لهذا السؤال, أو كاد, فى زمن السطحية الغالبة, برغم الحاجة إليه بسبب عدم اليقين المتزايد. ولهذا السبب, وغيره, نجدُ ملاذاً فى الجواب الذى يربطُ معنى الحياة بمنظومةٍ أخلاقية يلتزمُ بها المرء، ولا يحيدُ عنها أيًا يكن التغيرُ فى أحواله والظروف التى تحيطه. وفى الحديثُ عن الأخلاق هنا جانبان. أحدهما تقليدى يتضمنُ ما يُعرفُ بالأخلاق الحميدة المتعارف عليها نظريًا، مثل الصدق والأمانة والمروءة والمودة والصبر والكرم والرفق والوفاء والإنسانية والعفو، وغيرها.

أما الجانبُ الثانى فيشملُ مبادئ يؤمنُ المرء بأنها تجعلُ لحياته قيمة، فيتمسكُ بها تحت أى ظرف, ومهما كانت الصعوباتُ التى تواجهه، حتى إذا صار الحفاظُ عليها مثل القبض على جمر.

وبخلاف الجانب الأول الذى يتسمُ بالإطلاق والشمول، تبدو النسبيةُ غالبةً فى الثانى، لأن بعض المبادئ التى تجعلُ للحياة معنى تختلفُ من شخصٍ إلى آخر, ومن وقتٍ إلى غيره. ولكن من هذه المبادئ ما لا يُفترضُ أن يكون هناك اختلافُ بشأنه، مثل احترام الذات، وقبول الآخر, والحرص على الكرامة، والاستغناء والترفع مهما تكن الحاجة، والإيثار حين يكون ثمنه كبيرًا، والتمسك بما يؤمن المرء بأنه صحيحُ إلى أن يثبت له غير ذلك، وعدم التفريط فيه تحت أى ضغطٍ سواء بالترغيب أو الترهيب، والاحتفاظ به فى القلب إذا لم يتيسر التعبير عنه.

وهذا الجانبُ هو الأهم لأنه الذى يعطى للحياة المعنى الأخلاقى الجوهرى الذى يدركُ قيمتَه من يجدُه ويطمئنُ إليه، بغض النظر عن المعايير السائدة فى لحظةٍ أو أخرى، وما يترتبُ على بعضها من سلوكياتٍ وأحكامٍ قد تختلفُ عن هذا المعنى قليلاً أو كثيرًا.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: