رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمات حرة
ثريا!

هل يجوز لعجوز مثلى أن يحتفل اليوم، مثل كل الأبناء، بعيد الأم...؟ لم لا..؟ أنا اليوم أحتفل بذكرى أمى، وأكتب ـــ والدموع تترقرق فى عيونى ـــ عنها، رغم أنها رحلت عنا منذ عقد من الزمان! ثريا...كان اسمها، وكانت رائعة الجمال، شديدة البياض، عكس زوجها، أبى الحبيب، ذى البشرة القمحية السمراء! وورثت أنا ملامح أبى ولون أمى!

لن أستطيع أن أقدم لها اليوم هدية، ولا حتى باقة صغيرة من الزهور ...ولكنى أحتفل اليوم ـــ مع ملايين المحتفلين بأمهاتهم ــ بذكرى أمومتها الرائعة النبيلة! كان تعليمها بسيطا، لم يتعد الابتدائية، ولكن حكمتها كانت هائلة!

كانت من القلة من الأسر القاهرية الأصيلة، التى تنتمى ـــ كما كانت تقول دائما ـــ إلى سرة مصر، أى القاهرة وليس إلى الفلاحين أو الصعايدة .. ولدت فى شبرا (مصر) ولكنها عاشت فترة طفولتها وشبابها مع عمتها فى الجمالية والحسين فى أجواء تذكرك بعالم نجيب محفوظ: الجمالية وبين القصرين وقصر الشوق والسكرية! وفى خلال تلك النشأة فى سرة مصر عرفت واستوعبت كل التقاليد والممارسات القاهرية الأصيلة، التى صادفت فيها أبناء الجاليات الأجنبية التى عاشت بالقاهرة فى ذلك الوقت، وعرفت عن قرب حارة اليهود, وحكت لنا عن تقاليدهم وحياتهم بالقاهرة فى الأربعينيات! كنا ثمانية أبناء: خمسة ذكور تبعهم ثلاث إناث...لم نتعود منها أبدا أحضانا ولا قبلات! ولكن رعايتها لصحتنا ونظافتنا وسلوكنا كانت فائقة وبلا حدود، جعلتنا فى مدارسنا منذ الابتدائى نماذج فى النظافة والنظام والأدب، وأتاحت لوالدنا ـــ الذى كان أيضا تحت رعايتها الكاملة!ـــ التفرغ للإشراف الصارم على تعليمنا وتثقيفنا تحت شعاره الذى كان يقوله لى دائما أنا مش عايز نجاح..أناعايز تفوق!، وفى الحقيقة، فإن أفضل هدية قدمناها لأمى كانت إشعارنا لها بأن جهدها لم يذهب هباء! رحم الله أمى، وكل الأمهات فى عيدهن الجميل، عيد الربيع!

Osama [email protected]
لمزيد من مقالات د. أسامة الغزالى حرب

رابط دائم: 
كلمات البحث: