مازالت الحالة الاحتجاجية فى إيران اليوم، بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من بدايتها، أضعف مما كانت عليه فى مطلع ربيع 1978 بعد فترة مماثلة من انطلاق نظيرتها التى قادت إلى إسقاط نظام الشاه رضا بهلوى فى فبراير 1979.
ولهذا تبدو المماثلةُ بين إيران 1922 فى عصر الإنترنت، وإيران 1978 فى زمن الكاسيت، بعيدة عن الواقع حتى الآن. والفرق، هنا، ليس فى حجم الاحتجاجات الذى يمكنُ أن يزيد أو يقل فى أى لحظةٍ مادامت هناك تحركاتُ فى الشارع. فالأهم هو ما يُطلق عليها الحالةُ الاحتجاجية التى تؤثرُ فى تطور الأحداث تقدمًا أو تراجعًا. ويمكن ملاحظة اختلافين أساسيين بشأن هذه الحالة. أولهما أن الاحتجاجات الراهنة تبدو غير منظمة، وتفتقرُ إلى قيادة سياسية معروفة فى الداخل، إذ توجدُ أهم المنظمات المعارضة فى الخارج0 وهذه نقطةُ ضعف فيها مقارنةً باحتجاجات 1978، التى قادتها مجموعاتُ متفاوتة القوة. فإلى جانب آية الله الخمينى وأتباعه الكُثُر، كانت هناك حركاتُ يسارية وليبرالية عدة مثل حزب تودة، وحركة مجاهدى خلق، والحزب الجمهورى، والجبهة الوطنية العلمانية، فضلا عن لجان الثورة الإسلامية، والحركات الطلابية. واجتمعت هذه القوى على هدف رئيسى هو التغيير. كما توافق بعضُها على اتجاه هذا التغيير، ووقع عددُ منها تفاهماتٍ شملت مشروع دستور (إسلامى وديمقراطى).
أما الاختلافُ الثانى فهو أن قدرة المحتجين على التعبئة الآن أضعف مما كانت فى 1978. ويبدو أن التكنولوجيا الأكثر تقدمًا أقل فاعلية فى هذا المجال0 فقطع الإنترنت لفتراتٍ طويلة, وتقييد وسائل التواصل الاجتماعى، يُضعفان قدرة المحتجين على التعبئة الواسعة وخاصةً فى غياب القيادة والتنظيم كما هو الحال الآن، بخلاف الحال فى 1978 لأن منع تهريب شرائط الكاسيت أصعبُ من تقييد التواصل الإلكترونى.
ولهذا لا يبدو احتمال تطور الاحتجاجات التى بدأت فى سبتمبر الماضى فى اتجاه مماثل لنظيرتها التى انطلقت فى يناير 1978 مرجحًا حتى الآن، خاصةً إذا أدركت قيادةُ النظام الإيرانى ضرورة إجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واسعة وسريعة. فالتأخر يُفقد أى إصلاحات قيمتها كما حدث فى مطلع 1979.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: