رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هوامش حرة
ولم يعد الجمال جمالا

كنت يوما مسافرا في القطار مع أحد الأصدقاء في دولة أوروبية وحين جلسنا علي المقاعد المحجوزة لنا جلست أمامنا فتاة غاية في الجمال والأناقة وفجاة أمسكت بالتليفون وبدأت تتحدث وشاهدت شيئا آخر غير الفتاة الجميلة التي كانت تجلس أمامنا من لحظات .. خرجت من فمها حشرجات غريبة وبدأت ملامح وجهها تتغير تنكمش أحيانا وتنطلق في أحيان أخري .. وارتفع صوتها حتي لفت أنظار ركاب القطار.. ثم اشتبكت مع الشخص الذي تتكلم معه في وصلة ردح وشتائم استخدمت فيها أسوأ الكلمات .. وبدأت رحلة الصراخ واللعنات حتي إنني تصورت أنها ستلقي نفسها من القطار .. كثيرا ما أتذكر هذه الفتاه فقد تمنيت لو أنها بقيت علي صورتها الأولي.. وكثيرا ما أشاهد الآن هذا النموذج الغريب علي مواقع التواصل الاجتماعي والشاشات حتي إنني كثيرا ما توقعت أن يخرج أحد من الشاشة ويعتدي علي الناس .. والأخطر من وحشية الأصوات مستوي الكلمات وأقلها الردح والشتائم.. حتي برامج الفكاهة لم تعد تضحك أحدا لأنك تشاهد وجوها غريبة وكلمات هابطة وحركات مخيفة .. وما بين وجوه عابسة ومستوي لا يليق من الكلام كان من الممكن أن تصبح مواقع التواصل الاجتماعي منابر فكرية وفنية وثقافية شيئا جادا يناقش القضايا بفهم ووعي وأن تستخدم لغة راقيه في الحوار ولكنها تحولت إلي خناقات وإشاعات وشتائم وللأسف إنها تتنافس في هذا المستوي الهابط .. كثيرا ما تشاهد علي الشاشات خناقات واشتباكات ومعارك بين الفنانين والفنانات وتسمع الصوت الجميل وقد تحول إلي حشرجات مخيفة .. وأعود وأذكر فتاة القطار الجميلة وقد تغيرت ملامحها وعلا صوتها وتحولت الي إنسان آخر وأيقنت أن لغة الحوار ومستوي الكلمات هي التي تحدد مستوي الإنسان فكرا وشكلا وملامح .. وأن أسوأ الأشياء أن نشوه الجمال فلا نراه جمالا.. إنني أشفق كثيرا حين أشاهد نجمة جميلة وهي تتحدث وتقول كلاما لا يليق ويتعارض تماما مع مكانتها وتاريخها .. مراجعة الذات شيء ضروري فى سلوكيات البشر لأن القبح أحيانا يجعلنا نخسر كل شىء.

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: