كيف تقيم قيادة الحزب الشيوعى الصينى الأوضاع فى تايوان, وعلى أى أساسٍ تحددُ فرص التوحيد السلمى واحتمال اللجوء إلى الضم القسرى, وكيف تنظرُ إلى الانخفاض فى مستوى العلاقات الاقتصادية فى السنوات الأخيرة, وهل تُعد هذه العلاقات المعيار الحاكم لحسابات بكين التايوانية؟. أسئلة تعودُ أهميتها إلى مركزية العلاقات الاقتصادية فى سعى بكين لبناء مصالح مشتركة قوية تُيسَّر التوحيد السلمى تدريجيًا. ولهذا قدمت بكين مزايا حصرية تقريبًا لمستثمرين تايوانيين، فى صورة مزيجٍ من الإعفاء والخفض الضريبى، والسماح بالاستثمار فى قطاعات تعتبرها مرتبطةً بأمنها القومى. القدر المتيقن فى محاولة فهم هذه الحسابات أن استثمارات التايوانيين، التى أنعشت الاقتصاد الصينى وكانت أحد عوامل توسعه فى مرحلة النمو العظيم، تراجعت من أكثر من 14 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من خمسة مليارات فى 2020. لكن انخفاض الاستثمارات فى حد ذاته لا يكفى لإسقاط رهان بكين على استعادة تايوان سلميًا. فالأمر يتوقفُ على تفسيرها لهذا الانخفاض فى الاستثمارات، وهل يحدث بطريقة مقصودة ومخططة من جانب حكومة تايوان التى يقودها منذ 2016 حزب انفصالى لا يرغب فى الارتباط بالصين, ويتطلع إلى استقلال كامل، أم أنه يعود إلى تغير الظروف الموضوعية التى أدت إلى تنامى العلاقات الاقتصادية والتجارية فى العقدين الأخيرين فى القرن الماضى والأول فى القرن الحالى. قد يكون الانخفاضُ راجعًا إلى سياسة الحزب الديمقراطى الحاكم الآن فى تايوان، وربما يكون ناتجًا عن تغير فى بيئة الاستثمار بعد أن تنامت قوةُ عددٍ كبير من الشركات الصينية مقارنةً بما كانت عليه قبل عقد من الزمن، فتراجعت قدرة نظيراتها التايوانية على منافستها. ولا ننسى فى الوقت نفسه أثر الرسوم الجمركية الإضافية، التى فرضتها إدارة ترامب عام 2018، على شركاتٍ تايوانية كانت تعتمد على تصدير منتجاتها المصنوعة فى الصين إلى الولايات المتحدة، ودفعها انخفاض عائد هذه الصادرات إلى تغيير وجهتها. والأرجح أن يكون التفسيران صحيحين كلُ بمقدار. ولهذا تبدو حسابات بكين التايوانية معقدةً على نحو يفرضُ التمهل فى تقدير أثر تراجع العلاقات الاقتصادية فى فرص التوحيد السلمى.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: