رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كلمة عابرة
مظفر النوّاب

أكبر ظلم تعرض له الشاعر العظيم مُظَفَّر النوّاب طوال حياته الشعرية، وهناك مؤشرات أن يستمر إلى مدى غير معلوم بعد وفاته، أن يُختَصَر إبداعه الشعرى الفذ الغزير فى أجزاء من أبيات تضمنت سباباً، ومع الإلحاج بهذا المعنى صارت هذه سمعته فى أوساط عريضة تتكاسل عن أن تجتهد فى قراءة دواوينه، وتكتفى بما يردده آخرون، وكانت النتيجة أن صارت سمعته أنه شاعر شتّام سبّاب، بما يدل على أن القائلين بهذا لم يقرأوا روائعه كما يجب أن يُقرأ الشعر، بالمعايشة والتأمل وإطالة النظر، فغابت عنهم معانيه الإنسانية النبيلة، التى سَمَت فوق السباب المباشر، بلغة راقية ومعان عميقة رائعة، مسَّت جوهر مسائل إنسانية عامة، تتجاوز ما عرض له من قضايا عربية، وتخطت حدود السياسة المباشرة إلى صميم أزمة الإنسان المعاصر أمام الاستبداد وألغاز الحياة الكبرى.

حتى خمرياته، بكل غوايات الاستجابة للتداعيات القريبة، إلا أنه عرض فيها لعذابات الإنسان من الطغيان، ولحيرته أمام الأسئلة الكبرى، ولغدر الصحاب، وأوجاع الإنسان المعاصر بالوحدة والانعزال، حتى لو كان وسط الأصدقاء وفى خضم الصراعات الكبرى، وفى كل هذه الكوارث هناك أمل يتوارى أحياناً، وقد يختفى مؤقتاً، ثم يلوح ليبعث التطلع إلى الخلاص ومستقبل أفضل.

كانت بداية معرفة جيلنا بأشعاره فى السبعينيات عن طريق اختراع الكاسيت، الذى كان آنذاك من أكبر إنجازات التكنولوجيا، وكانت قصائده تأخذ بلب وروح مستمعيه بطريقته الخاصة فى إلقاء الشعر مصاحبا لعود، ومنفعلا بالصراخ والبكاء، وكانت كوارث طواغيت الحكم، ومأساة الشعب الفلسطينى، تؤجج أشعاره وتلهب حماس جمهوره وتغذى فيهم روح التمرد والرفض، برغم أصوات كانت تتخوف من إشاعة الفوضى إلا أنها بهتت أمام الإقبال الذى لم يكن له نظير آنذاك، وصارت قصائده التى صادرتها نظم الحكم العتيدة، على ألسنة قطاعات عريضة من الطلاب والمثقفين والفنانين، وجرى تداول شرائطها بسرعة فائقة على نطاق واسع، وحفظ جيلنا (بحّار البحّارين) و(تل الزعتر) و(وتريات ليلية) و(المساورة) و(بيروت) و(ما هُم، ولكنه العشق) و(طلقة ثم الحدث) وغيرها من القصائد، وكانت مادة ثرية لنقاشاتنا ومسامراتنا.

[email protected]
لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب

رابط دائم: