رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
رُواد المنهج العلمى

معروفة لكُثر قصة الصراع الضارى فى القرن الـ15 بين علماء بدأوا فى تطوير معارفهم، ورجال دين تخندقوا فى مواقعهم. وأكثر ما يُعرف عنها المعركة التى حملت فى طياتها نقلةً علميةً كبيرةً بدأ فى تحقيقها كوبرنيكوس ثم جيوردانو برونو وصولاً إلى جاليليو, إذ كشفوا أن الأرض تتحرك وليست ثابتةً بخلاف ما كان مُعتقدًا. ارتبط ذلك الكشف بتغير أوسع. ويجوز القول إن اكتشاف أن الأرض ليست ثابتةً ارتبط ببداية نهضة كان جوهرها تحريك جمود شمل كل أوجه حياة البشر. لم يكن الكوكب وحده هو الذى اكتُشف أنه يتحرك وليس جامدًا، ولكن أيضًا عقل الإنسان الذى بدأ فى التحرر من الجمود. ولكن قصص تكشف حركة الكون تحجب فى كثير من الأحيان جوهر التغير الذى بدأ يحدث حينذاك، وهو التفكير بطريقة علمية حديثة، ووضع الأساس الأول للمنهج العلمى، أو قل مقدماته، ودور رواده مثل فرانسيس بيكون، وجون لوك, وغيرهما ممن أتاحت إسهاماتهم استخدام العقل بطريقة مُنظمة لإنتاج المعرفة. سعى بيكون مثلاً إلى بلورة ما يمكن أن نُعدها مقدمات المنهج التجريبى، وتبعه فى الاتجاه نفسه جون لوك الذى عُرف بإسهامه المتعلق بمبدأ التسامح أكثر من دوره فى تطوير هذا المنهج. كان الإنسان فى حاجة إلى منهج لتنظيم تفكيره. وقدم ديكارت إسهامًا كبيرًا فى هذا المجال، خاصة فى كتابه الصادر 1637 (مقال عن المنهج المُتبع لحسن قيادة عقل الإنسان والبحث عن الحقيقة فى العلوم)، والذى تُرجم إلى العربية بعنوان مختصر (مقال فى المنهج). وهذا هو الكتاب الذى يتضمن عبارته المشهورة (أنا أُفكر، إذن أنا موجود). ومن أهم ما ساهم فى تطوير المنهج العلمى الحديث فى تلك المرحلة المُبكرة الجدل الذى حدث خلالها عن كيفية إنتاج المعرفة، والذى يمكن تبسيطه واختزاله فى اتجاهين. ذهب أحدهما إلى أن المعرفة تُدرك بالدليل المُستند على التجريب، ورأى الثانى أنها تعتمد على تصورات يُكونها العقل، إلى أن حدث تلاقح بين الاتجاهين وظهور اتجاهات أخرى, فى سياق علاقة خلاقة بين الفكر والعلم، وهو ما نبقى معه غدا .


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: