من الكلام الغريب المستقر منذ سنوات، فى فهم قطاعات عريضة من المواطنين، حتى صار وكأنه حقيقة، بما يُوجِب أن تتدخل الدولة للتدقيق أو التصحيح أو إعلان موقف رسمى تجاهه، أن يقتنع المصريون بأن هناك تهاوناً فى السماح بتداول منتجات دول أجنبية فى الأسواق المصرية، برغم أنها لا تتطابق مع عدة شروط أساسية أهمها الجودة، بما يجعلها سلعاً معيبة، وفق المصطلحات المعمول بها! إذا صح الكلام تكون هذه السلع حصلت على موافقات من عدة جهات رسمية بما أجاز لها المرور عبر الجمارك إلى السوق المصرية، وأن هذا الكلام ينطبق على منتجات عدد من الدول، خاصة دولة محددة نجحت فى خلال عقود قليلة فى أن تغزو العالم بمنتجاتها، وفى حين أنها تلتزم بأفضل المواصفات مع بعض الدول، إلا أنها تضع مصر، مع دول أخرى فقيرة، فى شريحة أقل فتُغرِق أسواقها بسلع من درجات أدنى! وأما فروق الجودة للسلعة الواحدة، فهذا ما يُفاجأ به المصريون عندما يسافرون إلى الخارج ويشاهدون بأنفسهم مستويات جودة للدولة المُصَدِّرة أعلى بكثير من سلعها المعروضة فى مصر. بل إن الدول المنتجة تجذب الجمهور المصرى فى مصر بأن بعض السلع التى يروجون لها بمواصفات خليجية أو أوروبية! والمعنى الوحيد هو أن سلعهم الأخرى بمصر أدنى مما يبيعونه فى الخارج!
هذه الاستهانة بالسوق المصرية، وبالمصريين، لا تُساءَل عنها فقط الدول المنتجة لهذه السلع، وإنما تقع المسئولية أيضاً على من سمح لها بعبور الحواجز التى تضعها كل الدول لتحمى مواطنيها من السلع المعيبة القادمة من الخارج، وكذلك لحماية الصناعات الوطنية وأصحابها من منافسة غير متكافئة تميل فيها الكفة لصالح الدول الأجنبية، صاحبة الخبرة الأكبر.
لا يمكن غض الطرف عن أن بعض المصريين العاملين فى هذا المجال يستفيدون من هذا الخلل، ويدافعون عنه بادعاء أنه يوفر سلعاً بأسعار معقولة لشرائح من الفقراء! وهذه أكبر أكذوبة، لأن الفقراء هم أول المتضررين، لأنهم يشترون من قروشهم القليلة سلعاً معيبة تتلف سريعاً، فيخسرون أموالهم دون أى فائدة!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: