رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
الانمساخ فى «ريش»

يتطلع كُثُر لمشاهدة فيلم ريش، سواء من أثار اهتمامهم منذ حصوله على جائزة أسبوع النُقاد فى مهرجان «كان»، أو بعض من تابعوا ضجة أُثيرت حوله قبل أيام. فيلم يلقى تقديرًا كبيرًا فى المهرجان السينمائى الأكبر فى العالم لابد أن يكون جيدًا.

وهذا سبب كاف للتطلع إلى مشاهدته. ولكن ثمة سببًا ثانيًا هو معرفة كيف وظَّف صانعو الفيلم فكرة تحول شخص إلى دجاجة، وهل جعلوها مجرد مدخل جاذب ينتهى بعده دور حالة الانمساخ هذه، أو تصبح هامشية غير مؤثرة أو محدودة التأثير، أم تبقى محور الفيلم أو على الأقل أحد أهم محاوره.

وهذا سؤال أساسى لمعرفة هل يوجد عمق ثقافى فى الفيلم من عدمه، وإلى أى مدى ألم صانعوه بأبعاد فكرة الانمساخ أو تحول شخص إلى مسخ قد يأخذ شكل حيوان أو طائر أو حشرة.

فقد استُخدمت فكرة الانمساخ فى الأدب العالمى للتعبير عن أفكار عميقة تدور غالبًا حول الاغتراب، أو الإحباط واليأس، أو الضغوط العصبية والنفسية الشديدة على الإنسان البسيط المقهور اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا على نحو يُجرده من إنسانيته.

ومازالت رواية فرانز كافكا القصيرة المسخ المنشورة للمرة الأولى قبل قرن ونيف أهم الأعمال المعبرة عن فكرة الانمساخ. رواية محدودة فى أحداثها ومُعقدة فى بنائها الدرامى وشديدة التعبير بطريقة فانتازية عن حالة شاب استيقظ يومًا فاكتشف تدريجيًا أنه مُسخ إلى حشرة.

جسد كافكا ببراعة حالة الشعور بالقهر والاغتراب والتجاهل تحت وطأة ظروف قاسية فى عالم تُربط فيه قيمة الشخص بما يملكه من مال أو نفوذ أو سطوة. وفى مثل هذه الحالة لا يصل صوت الشخص إذا عبر عن معاناته، ولا يستطيع تغيير الوضع الذى يؤلمه، وإذا حاول يفشل ويُكسر، وقد يصل إلى شعور بالقرف من نفسه، وانفضاض أقرب الناس عنه إذا كف عن فعل ما يريدونه منه لأنه يُثقل كاهله ويُهين كرامته، على النحو الذى حدث لبطل رواية كافكا.

وبمثل هذا العمق يتعين أن تُعالج فكرة الانمساخ، التى تُعد أعمق بكثير من التحول الذى اتُخذ عنوانًا لأكثر من ترجمة عربية لهذه الرواية.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: