رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

العولمة وكرة القدم فى مصر

لعل فى الانتصارين الأخيرين لفريق «الفراعنة» على «فرسان المتوسط» ما يخلق حالة من التفاؤل بفرصة جديدة لمصر فى كأس العالم قد تختلف هذه المرة عن المرة السابقة التى لم تنته نهاية سعيدة. فبعد فرحة الوصول إلى نهائيات الكأس بعد ثمانية وعشرين عاما من الانتظار والهزائم، فإننا ربما بسبب السعادة المبالغ فيها، فإننا لم نبل بلاء حسنا. خسرنا المباريات الثلاث وبنتائج موجعة، رغم أننا لم نكن لا فى مجموعة الموت، ولا مجموعة البعد عن فرص الرقى. من ساعتها ونحن لم نتقدم كثيرا، خسرنا بطولة الأمم الأفريقية فى مصر، ومن بعدها تراوحت الأمور نحو الوصول المضنى إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية، وبالنسبة لتصفيات كأس العالم فقد كانت حتى وقت قريب فى مكان مراوح ما بين التمنيات والاعتماد على أولياء الله الصالحين.

وبالطبع فإن كاتب المقال ليس خبيرا كرويا ولا هو يسعى لأن يكون فى مكان الخبراء وجماعة الاستوديوهات التحليلية المتكاثرة دوما، ما يهمه أن يكون مثل كل متابع للكرة أن يشاهد مباريات ممتعة، مقاييسها فى المتعة بقدر ما هو موجود فى البلاد المتقدمة كرويا بالطبع. الأهم أن تكون كرة القدم مثلها مثل كل الأنشطة الرياضية الأخرى، ومثل كل الجهود الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فى مصر مواكبة لركب التقدم والحداثة ودعم المشروع الوطنى. ما بين هذا الموقف وما يحدث فى مصر مسافة كبيرة من عدم الانضباط، وقدر غير قليل من الفهلوة، ويشهد على ذلك كيف جرى التعامل مع النشاط الكروى حتى امتد موسمه لكى يطول موسمين، وبعده سوف يطل على موسم ثالث سوف تجرى فيه مسابقات كبرى عربية وإفريقية وأخيرا العالمية الخاصة بكأس العالم. وهذا كله على مستوى الفريق القومى، فكيف الحال وهناك مسابقات كأس الأندية الأفريقية وتلك الكونفدرالية التى تتصرف أنديتها من المنطلقات الصعبة لتمثيل مصر، من ثم يكون المطلب أن يتم تفصيل السقوف الوطنية الزمنية على مقاس النادى. النتيجة حالة كبرى من الاضطراب والفوضى والصيحات المعروفة بتفضيل ناد على آخر، وقبيلة رياضية على أخرى.

التعامل مع ذلك يكون كما اعتدنا فى كل المجالات الأخرى للحياة المصرية أن ننظر إلى العالم ونتصرف وفق تقاليده وقواعده وقوانينه، وهى فى هذه الحالة التى ينظمها الاتحاد الدولى لكرة القدم. فى مجال الطيران على سبيل المثال فإن حركة طائراتنا المدنية تسير وفق ما تقرره المنظمة الدولية للطيران المدنى، وكذلك الحال فى نظامنا البريدى الدولى، وهكذا أمور. لم يعد ممكنا لأى دولة فى العالم أن تدفع بالخصوصية والظروف الخاصة لكى تحصل على نظام خاص طالما أنها تريد أن تكون جزءا من نظام عالمى بعينه. كرة القدم أصبحت كذلك، وفيما يتعلق بالاتحاد الدولى لكرة القدم «الفيفا» فإن ما يضعه من قواعد وتوقيتات يصبح هو الحاكم فى التنظيمات الداخلية فى كل دول العالم. ولا يقل أهمية عن التوقيتات، وطالما أن النظام قد بات قائما على الاحتراف، فإن عقود اللاعبين مع الأندية تتبع نظاما بعينه تحترم فيه الحقوق والواجبات وحق الادعاء والدفاع والتحكيم، وأكثر من ذلك مواجهة التلاعب والمراوحة من جانب اللاعب والنادى والاتحاد.

فى حالتنا فإننا مبدعون فى الالتفاف والتأجيل والبحث عن السبل التى تجعلنا نقع فى أسر أكبر نظام للفوضى والضغط الزمنى فى آن واحد. وليس صدفة أننا هذا العام لن نبدأ الموسم الجديد قبل نهاية شهر أكتوبر الحالى بينما بدأ الدورى العام فى دول العالم المختلفة فى شهر أغسطس الماضى بعد إجازة كاملة قدرها شهران تقريبا كافية للاستجمام واستشفاء اللاعبين والمدربين والأطقم الرياضية حتى تقبل على الموسم باللياقة البدنية والذهنية الكافية لتقديم مباريات ممتعة. والغريب أنه بعد هذا التأخير، فإن رابطة الأندية تأتى بنظام للدورى العام يماثل ما كان موجودا من قبل، وذلك ونحن نعرف أن لدينا مسابقة رياضية عربية وبطولة أخرى أفريقية فى الكاميرون والثالثة بعد ذلك فى كأس العالم مضافا للدورى العام والكأس والمنافسات القارية والعالمية الأخرى عندما تجرى مسابقة الأندية العالمية. والمؤكد أنه ليس كافيا أن نلقى اللوم على «جائحة» الكورونا لأنها شملت كل دول العالم، حتى فى تلك التى وصلت إلى مستويات كارثية، والآن فإن هذه الدول تجاوزت ذلك كله لكى يعود النظام كما كان لا يزيد ولا ينقص، وأكثر من ذلك فى إنجلترا وفرنسا وإسبانيا فإن مدرجات الملاعب ممتلئة حتى آخرها بالمتفرجين.

الأمر من الجدية بحيث ينطبق عليه أن الرياضة من الأهمية والخطورة بحيث لا تترك للرياضيين؛ وكان طبيعيا أن يكون السؤال المهم هو كيف نتخلص من أعباء العامين الماضيين؛ والسؤال الأهم كيف نحقق المصلحة للفريق القومى لكى يمارس المسابقات دون ضغوط بدنية أو معنوية. نقطة البداية هى أن يكون هناك حسابات لتوقيتات المباريات عالمية وإقليمية ومحلية وما يصاحبها من أوقات للتدريب والسفر والاستشفاء والتغذية، ويترتب عليها بعد ذلك برنامج المباريات المحلية. مثل ذلك لا يمكن تحقيقه دون دورى من دور واحد يحدد فيه البطل ويتراجع فيه المتخلفون؛ وطالما أن تأثيرات الكورونا سوف تظل قائمة على أعداد الجماهير فى المدرجات، فلا بأس إذن من لعب كل المباريات على ملاعب محايدة مثل الأهلى والزمالك حتى ينجلى الوباء ويقدم موسم رياضى يماثل ذلك الذى يأتى لمواسم الدول الأخرى. وعندما نفعل ذلك، ونستخدم الأعداد المحدودة من المتفرجين للتدريب على أبواب (وليس بابا واحدا) للدخول والخروج، وتسجيل الجميع على شبكة الإنترنت بالمعلومات والصور، فربما بعد موسم انتقالى نكون جاهزين لكى نقبل على مواسم تماثل تلك التى تجرى فى أوروبا والدول المتقدمة، فيها الكثير من الفنون الكروية، والقليل من التشاحن.


لمزيد من مقالات د. عبدالمنعم سعيد

رابط دائم: