رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
دانتى .. وحسن عُثمان

لو قُدر لروح المبدع الإيطالى الكبير دانتى اليجييرى أن تُرفرف فى المئوية السابعة لرحيله، لهفت إلى روح الأكاديمى والمُترجم المصري العليم حسن عثمان. فإليه يعود الفضل الأعظم فى مساعدة القراء بالعربية فى الإلمام برائعة دانتى الكوميديا الإلهية وفلسفتها ومواطن الإبداع فيها، وتيسير الأمر عليهم عند قراءتها عبر مقدمات ضافية وعدد مهول من الهوامش والحواشى تتضمن شرحًا لكلمات وعبارات، وتعريفًا بأشخاص وأماكن، وتوضيحًا لسياقات يمكن أن تكون غامضةً بالنسبة إلى كثير منهم. فهو أستاذ فى التاريخ ومناهج البحث التاريخى, وليس مترجمًا فقط0

وفى كل من الأجزاء الثلاثة (الجحيم والمطهر والفردوس) يصل إجمالى المساحات التى تشغلها هذه الحواشى إلى ما بين ثلاثة وأربعة أمثال مساحة النص المترجم نفسه. ولهذا أمضى ما يقرب من 20 عامًا فى إنجاز هذا النص الغنى، وسافر إلى إيطاليا مرات خلال العمل عليه. وهو الوحيد بين من ترجموا (الكوميديا الإلهية) الذى يعرف اللاتينية والإيطالية.

نحن، إذن، أمام بحث كبير وعميق، وليس مجرد ترجمة يمكن أن يأتى هذا، أو ذاك ليزعم مراجعتها أو إعادة إنتاجها. أصدرت دار نشر عراقية قبل أشهر ما سمتها طبعة جديدة من ترجمة- دراسة حسن عثمان، وحمل غلافها إهانة شديدة، إذ وُضع عليه اسم غير معروف ُزعم أنه مُراجع للترجمة. لم أطلع بعد على هذه الطبعة، ولكننى قرأت للأستاذ محمد شعير ما يفيد أن كل ما جد فيها هو تصحيح بضعة أخطاء طباعية، وإضافة أنشودة واحدة كان عثمان قد ترجمها ثم استبعدها لأسباب تتعلق بالحساسية الدينية لدى العرب، الأمر الذى يجعل ادعاء المراجعة غير صحيح.

وثمة ظلم آخر نخشى أن يقع عليه بعد إعلان دار (منشورات المتوسط) ما سمتها إعادة إنتاج هذا النص بواسطة لجنة علمية متخصصة. وليس مفهومًا المقصود بإعادة الإنتاج هنا، وما الذى سيُصيب النص من جرائها. والسؤال المنطقى هو لماذا لا تقدم هذه الدار أوتلك ترجمة جديدة لنقارنها بالنص الفريد الذى أنجزه حسن عثمان؟

ألا يحق إذن لروح دانتى الذى ظُلم فى حياته أن ترفرف حول روح عثمان الذى يُظلم بعد رحيله.


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: