هل كانت كورونا غضب السماء أم خطايا البشر.. حين رضي الناس بالظلم هبطت عليهم لعنة السماء جوعا وفقرا وخرابا وأمراضا وتغيرت كل الأشياء وظهرت أشباح تشبه البشر.. إن الحديث القدسي يقول يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا وحين ساد الظلم ساءت الأحوال والبشر.. كان من الصعب أن يغني مطرب وهو يعلم أن صوته قبيح لأن أذواق الناس لا تقبل القبح.. وكان من الأصعب أن تصدر فتوي بغير علم أو أن يصدر حكم يهين العدالة.. كانت في مصر لجنة لاختبار الأصوات وكان من الصعب أن يتسلل صوت ويفرض نفسه علي الناس وكان للفتاوي علماء أجلاء يخافون الله ولا يصدر عنهم الباطل.. وكان للثقافة ضمير يرفض الظلم ويأبي التضليل.. وكان النيل ينساب في قلوب الناس قبل أن يروي الأراضي.. وكانت للعدل أركان تمنع الظلم ولا تفرط في حقوق الناس، كانت أذواق الناس ترفض الغناء القبيح والكلام القبيح وتستنكر الرأي القبيح.. وكانت هناك أعمدة للعدل وطرق للهداية فلا تجد ضلالا يلبس ثياب الهدي ولا تجد مهرجاً ينصب السيرك ويخدع الناس ولا تجد سمساراً يتاجر في القيم والأخلاق.. كانت هناك مسافات تحدد المواقف وكان من الصعب أن تجد أفاقا يروج للفضيلة أو أن تجد حقائق مزيفة تصبح أعرافاً بين الناس.. كانت هناك ثوابت تفرق بين الحق والباطل وبين تجار المواقف وسماسرة النفاق.. وكان المجتمع يضع كل إنسان في مكانه ومكانته وأصبحنا نعاني من تجار الفن وسماسرة الفكر وباعة الأكاذيب فانتشر التضليل في كل شيء.. سطور من الكذب وأفكار شاذة وأصنام للظلم والفساد.. وتتساءل وما الذي وصل بنا إلي هذا الحال؟! إن الضمير حين انسحب من القلوب والمواقف والأخلاق حين أصبحت سلعة رخيصة في أسواق المعاملات وقبل هذا انه ضلال البصر والبصيرة.. في الحياة أكثر من طريق وأكثر من هدف وغاية وهناك انهار ومستنقعات وفي البشر أيضا انهار صافية ومستنقعات ملوثة وكل إنسان يختار مكانه.. إن للقبح تجارة وللجمال مزاراته وللضمائر صحوتها وللباطل مريديه وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه وما ظلم الناس إلا أنفسهم لو كانوا يعلمون وما ربك بظلام للعبيد.
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: