رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

اجتهادات
ديكتاتورية أغلبية هشة

عندما يكون المجتمع فى حالة انقسام عميق يكاد يشطره إلى قسمين يعيش كل منهما فى عالم منفصل عن الآخر، يصبح العمل من أجل وضع حد لهذا الانقسام الهدف الأسمى للسياسة، أي سياسة. وهذه حالة المجتمع الأمريكى التى وعد الرئيس جوبايدن خلال حملته الانتخابية بأن تكون معالجتها فى مقدمة أولوياته.

ولكن أداءه حتى اليوم لا يدل على أنه يتذكر هذا الوعد، أو يحفل بما آل إليه حال المجتمع، بل يشى على العكس بأن الانقسام المهول لا يُزعجه، وإلا ما مضى قدمًا فى تعميقه بالتعاون مع أعضاء حزبه فى مجلسي الشيوخ والنواب.

لم يأخذ بايدن وأعضاء حزبه فى الكونجرس أي خطوة باتجاه التعاون مع الجمهوريين. فهذا التعاون هو الخطوة الأولى فى السعى لوضع حد للانقسام، فضلاً عن أنه مؤشر لاحترام القيم الديمقراطية, ومن أهمها الالتزام بحدود التفويض الذى يحصل عليه أى مسئول منتخب. وقد فاز بايدن بأغلبية طفيفة نتيجة عمق الانقسام الذى يشطر الشعب الأمريكى إلى اثنين شبه متساويين. كما أن أغلبية حزبه فى مجلس النواب محدودة للغاية، فيما يتساوى عدد أعضاء الحزبين الرئيسيين فى مجلس الشيوخ، ويعتمد الديمقراطيون على الصوت المُرجح لنائبة الرئيس كامالا هاريس التى تتولى رئاسته.

وحين تُستخدم هذه الأغلبية الهشة لفرض مشاريع قوانين بدون حد أدنى من التوافق، تصبح إزاء ما تسمى ديكتاتورية أغلبية صمم الآباء المؤسسون للولايات المتحدة نظامها السياسى بطريقة تهدف إلى تفاديها. فالتشريعان الأكثر أهمية اللذان أُقرا فى الأسابيع الأخيرة اعتُمد فى تمريرهما على الأغلبية الهشة، وهما حزمة التحفيز الاقتصادى والمالى وقيمتها 1.9 تريليون دولار، وبرنامج إعادة بناء القيمة الأساسية بكلفة قدرها 2.3 تريليون دولار. ولم يبد أصحاب هذه الأغلبية أدنى اهتمام بإجراء حوار جاد مع ممثلى النصف الآخر للشعب الأمريكى حول أى من هذين التشريعين، أو بشأن كيفية تمويل العجز الذى يترتب عليهما, وبدأوا فى الإعداد بالطريقة نفسها لتشريع كبير ثالث لزيادة الضرائب.

ويبدو, والحال هكذا, أن الولايات المتحدة تتجه إلى وضع أخطر مما كانت عليه فى عهد ترامب.

 


لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد

رابط دائم: