رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

هوامش حرة
أحيانا تصبح الوحدة
سجناً

قليلا ما يحب الإنسان الوحدة وأسوأ أنواع الوحدة أن يفرضها أحد عليك.. ولهذا فإن الوحدة في السجن عقوبة تفرضها القوانين والشيء الغريب أن تشعر بالوحدة وأنت بين الناس لأنك لا تراهم.. لقد ذهبوا وأنت لا تعرف إلى أين وهناك وحدة الغياب ووحدة الجسد ووحدة السجن.. وقد يكون السجن عقوبة وقد يكون اختياراً وأصعب ما في السجن الغياب والغياب لا يعني فقط سفر الجسد.. إن الغياب أحياناً يكون بين جسدين ملتصقين ولكن كل واحد في مكان.. إن أسوأ ما في السجن سواء كان فرضاً أو اختياراً هو الغياب.. إنه يحرمك من كل ما أحببت في هذه الحياة حتي الهواء الذي اعتدت عليه حتي البشر والأماكن والأشياء.. ولهذا فإن السجن سجن اختياراً كان أو مفروضاً والسجن حتي وإن كان إرادياً يترك بينك وبين الناس مسافة.. وتتسع المسافات ويصير الأفق جبالاً وتصبح الجبال أطيافاً وتصير الأطياف ذكري ولا يبقي سوي النسيان.. هل تخيلت نفسك وحولك العشرات من البشر وأنت لا تراهم.. ولهذا فإن هناك سجنا ثالثا غير الإرادي والإجباري وهو سجن الرفض.. أن ترفض كل الأشياء حولك وتبدو وحيداً وسط الناس.. أنك ترفض القبح ولا ترضي بالظلم وتعتز بشيء يسمي الكرامة.. ولكن كل الأشياء حولك تقول غير ذلك ويصغر الأفق ويضيق وتتراجع المسافات وتتلاشي الوجوه وتختفي الملامح وتجد نفسك في سجن صغير هو ذاتك.. تحاول أن تحميها من أشباح الخوف التي تحاصرك لكي تنزع منك آخر ما بقي من إنسانيتك.. إن أكثر الأشياء انتشاراً الآن هي سجون الذات.. أن تجد إنساناً في بيته وفي الشارع وفي عمله ولكنه قليل الكلام ويتأمل كثيراً ويحاول أن يبتعد عن الناس خوفاً من العدوي.. إن الاقتراب عدوي والكلام عدوي والحب عدوي.. حين يصبح الهواء ملوثاً والماء ملوثاً والكلام كاذباً والوجوه أقنعة من النفاق يصبح الصمت فضيلة والزهد في كل الأشياء، السجن هو الأمن رغم أنه لا أمن في السجون حتي لو كانت بيتاً تسكنه.. هذه خواطر إنسان قرر أن يسكن ذاته ويرفض السجن الكبير.

[email protected]
لمزيد من مقالات فاروق جويدة

رابط دائم: