لم تمض أيام قليلة على محاولة زعيم الجمهوريين فى مجلس الشيوخ ميتتش ماكونيل إظهار أن حزبه يستعيد طابعه المحافظ التقليدى حتى جاء الرد قويًا من الجناح اليمينى المتشدد وأنصار الرئيس السابق دونالد ترامب.
اختار ماكونيل، بالاتفاق مع معظم الأعضاء الجمهوريين فى مجلس الشيوخ، السناتور الأسود الوحيد بينهم (تيم سكوت) للرد على خطاب الرئيس جو بايدن أمام الجلسة المشتركة لمجلسى الكونجرس فى مناسبة مرور مائة يوم على توليه الرئاسة. أراد ماكونيل، والجمهوريون الذين يوصفون بأنهم مُعتدلون، الإيحاء بأن التيار الرئيسى فى حزبهم يؤمن بالتعددية، ويحترم الملونين. وأدى سكوت فعلاً المهمة، وبدأ كما لو أنه وأمثاله جزء لا يتجزأ من الحزب الجمهوري، بخلاف الصورة التى صارت شائعة عنه.
لكن أنصار الرئيس السابق، وغيرهم من اليمينيين المتشددين والمؤمنين بتفوق أصحاب البشرة البيضاء لم يتأخروا. كانوا على الموعد، بيانات عدة أصدرتها منظمات ومجموعات تُعبر عن هذا الاتجاه، وينتمى أعضاؤها فى الوقت نفسه إلى الحزب الجمهوري، وتهديدات تلقاها أعضاء جمهوريون فى مجلسى الشيوخ والنواب، وتحركات أخرى أظهرت أن من يُطلق عليهم (قاعدة ترامب) فى هذا الحزب أقوى من أن يمكن تجاوزهم عبر تصدر سيناتور من أصل إفريقى المشهد لبضع دقائق.
كان واضحًا عندما قام سكوت بمهمة انتُدب لها أنها مجرد خطوة رمزية، ولا تعبر عن الواقع فى حزب صار منقسمًا حتى النخاع، مثله فى ذلك مثل الولايات المتحدة بوجه عام. وليس مُستغربًا أن يبدو الانقسام فى الحزب الجمهورى اليوم أعمق مما كان فى فترة ترامب الرئاسيةو بعد أن فقد أنصاره الأمان الذى كانوا يشعرون به عندما كان فى منصبه، وأصبح الخوف سائدًا لدى غير قليل منهم فيما يُسميه الكاتب الأمريكى ديفيد بروكس (نوبة ذُعر سامة) من وجهة نظره.
يشعر أنصار ترامب بخوف من تغيير أمريكا التى يتصورونها00أمريكا البيض الأنجلوساكسون البروتستانت WASP. يرون أن شعار (أمريكا لكل أبنائها) يعنى الخضوع للملونين ذوى الأصول الإفريقية واللاتينية والآسيوية.
ولهذا، انتهت مهمة السيناتور الأسود، ولم يذكرها أحد، لأن الخطوات الرمزية لا تُغَّير الواقع.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: