«حماية حقوق مصر في مياه النيل أمن قومي لمصر» بهذه العبارة الموجزة لخص الرئيس السيسي رؤية مصر لأزمة السد الإثيوبي بعد أن أكدت كل المعطيات التي أفرزتها جولات المفاوضات السابقة وآخرها جولة كينشاسا بأن المفاوضات متعثرة وسبب التعثر في الواقع يرجع إلي تعنت إثيوبيا واستمرارها في نهج المماطلة والمراوغة والسعي لشراء الوقت والهروب من التوقيع علي اتفاق قانوني ملزم ومحدد في إطار القانون الدولي وبما يلبي الحقوق والمصالح المشروعة لكل من مصر والسودان وإثيوبيا.
وهذه العبارة الموجزة تجيء امتدادا لثبات الموقف المصري الذي أكدته علنا حول موائد المفاوضات وفي كافة اللقاءات والاتصالات, فمصر تطلب حقها ولا شيء أكثر من هذا الحق, وبالتأكيد فإن طول صبرها علي التعنت والمراوغة والمماطلة كان مبررا لإقدام مصر علي تعنت مماثل وربما أشد ولكن مصر حرصت علي ألا تزيد الأمور تعقيدا فوق تعقيد, وذلك هو السخاء الحقيقي الذي يختلف عن السخاء الذي تزعم إثيوبيا أنها تعاملت به مع مصر.
والحقيقة أن العبارة الموجزة التي قالها الرئيس السيسي خلال استقباله لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في القاهرة قبل عدة أيام لايمكن أن نمر هكذا أمامها من وقفة للفهم والتأمل بأسلوب هادئ بعيدا عن التعليقات المطولة أو التحليلات المنمقة وإنما تستوجب قراءتها بلغة الحساب.
إن استخدام تعبير الأمن القومي أمر له دلالته في ضوء الفهم لمعني الأمن القومي الذي يمثل قدرة الدولة علي تأمين استمرار أسس قوتها الداخلية والخارجية والعسكرية والاقتصادية في مختلف مناحي الحياة لمواجهة الأخطار التي تهددها من الداخل والخارج وفي حالة الحرب والسلم علي حد سواء.
وفي السياسة مساحات واسعة للتفاوض والمناورة وتبادل التنازلات لكن عندما تتعلق الأمور بالأمن القومي فإن الحسابات تتغير جذريا لأن الأمن القومي مسألة لا تخضع لأنصاف الحلول!
<<<
وداعا د. إسماعيل إبراهيم
<< في هدوء وصمت يتوالي رحيل الأصدقاء والزملاء في زمن الكورونا الصعب والمؤلم.. وكان آخر الراحلين مطلع شهر أبريل الحالي هو الدكتور إسماعيل إبراهيم الصحفي متعدد المواهب, سواء في الإخراج الصحفي الذي دخل من بوابته إلي فضاء صاحبة الجلالة أو كاتبا متميزا يمتلك ثنائية الدقة والرصانة فضلا عن كونه أستاذا ومعلما للأجيال في كليات الإعلام... والحقيقة أنه منذ وقعت عيناي علي إسماعيل إبراهيم وأنا في دسك الأهرام منتصف السبعينيات رأيت فيه طموحا يستحق الدعم والمساندة فكانت الفرصة التي حصل عليها معي في مجلتي الزمالك والزمالكاوية التي كنت أترأس تحريرهما ثم جاءته الفرصة للعمل في «مجلة زهرة الخليج» الإماراتية.. وبعد أن عاد إلي مصر كانت في انتظاره فرصة أخري معي عندما كلفت في يناير 1991 بإنشاء جريدة الأهرام المسائي فاستدعيته للعمل معي بصحبة الدكتور محمد منصور أستاذ الإعلام المرموق أطال الله في عمره وقد كان لإخلاصهما وتفانيهما في بداية هذه التجربة الصعبة فضلا غير منكور في إنجاز صدور جريدة يومية في أقل من أسبوع.. رحم الله إسماعيل إبراهيم وأطال الله في عمر الدكتور محمد منصور الذي مازال حتي اليوم وفيا لتجربة الأهرام المسائى.
[email protected]لمزيد من مقالات مرسى عطا الله رابط دائم: