كل يوم
السلاح السرى لمصر!

لا أظن أن أحدا يمكن أن يجادل في أن الاعتدال والوسطية ليست فقط إرثا ثقافيا مصريا ينبغي الحفاظ عليه وغلق كل الأبواب والنوافذ أمام أية محاولات لنفاذ رياح التطرف والغلو وإفساد المزاج الهادئ لشعب تغلب عليه روح الطيبة والسماحة والتصالح مع النفس ومع الغير وإنما أيضا باعتبار أن الوسطية والاعتدال هي الطريق الوحيد المفتوح أمامنا لضمان تأمين الحاضر والذهاب إلي مستقبل أفضل.

ولعل من أبرز خصائص الوسطية والاعتدال في الضمير وفي السلوك المصري أنها ليست منبعثة من أي كراسة أيديولوجية تحدد المفاهيم وتنظم التوجهات وإنما هي هبة إلهية تعمقت بالممارسة وبالتطبيق الجاد علي أرض الواقع الذي بات أشبه بمصباح الضوء الذي يساعد علي معرفة الأهداف وكيفية الذهاب إليها.

ولست أتجاوز الحقيقة إذا قلت : إن الوسطية والاعتدال هي أهم الأسلحة السرية في ترسانة القوة الشاملة لمصر لأنها إرادة الكثرة لا إرادة القلة وبتعبير سياسي أدق فإنها إرادة الأغلبية وليست إرادة الأقلية الذين يرفعون أصوات التطرف ورايات المزايدة وليس لهم من هدف سوي عرقلة مسيرة التطور التي ارتأت الأغلبية أنه لابد منها لمواجهة واقع التخلف الموروث وبذل كل جهد مستطاع لإزالة كل ما يعترض مسيرة التطور تحت رايات الإصرار علي حتمية مواجهة الحقيقة وإزالة التناقض بين القبول الضمني باستحقاقات تحديث الدولة وبين الدس والتشكيك في إجراءات الهدم والإزالة لكل ما يشوه مصر عمرانيا ومجتمعيا بالتوازي والتزامن مع حملات المزايدة علي تعامل مصر مع الأزمات والتحديات الإقليمية والدولية.

ولا شك في أن جرأة السيسي في الذهاب إلي الخيارات الصعبة بدءا بالإصلاح المالي والاقتصادي ومرورا بتحديث البنية الأساسية وإقامة أحدث شبكة للطرق والمحاور العصرية ووصولا إلي إزالة كل العشوائيات والمخالفات التي تمثل بقعة مؤذية لوجه مصر الحضاري ليست جرأة من فراغ وإنما هي جرأة الثقة في أن ثقافة الوسطية والاعتدال ستمثل أكبر سند شعبي لفرض احترام الحقيقة والخروج من مرض الإنكار لطبيعة وخطورة الأمراض التي حلت بالجسد المصري منذ سنوات بعيدة هي نفسها ذات الجرأة في تنويع مصادر السلاح وتقوية وتحديث المؤسسة العسكرية لكي تكون علي أتم استعداد لمواجهة كافة المخاطر وكافة التحديات علي مختلف الجبهات!

وبمقدوري أن أقول: إن جرأة السيسي وحسن استخدامه لسلاح الوسطية والاعتدال جنبت مصر مخاطر انفجارات مجتمعية وفي ذات الوقت جنبتها أيضا محاولات استدراجها نحو كمائن وفخاخ منصوبة بخبث يستهدف إبعادها عن ساحات المواجهة الرئيسية التي تضمن أمنها وتحمي حقوقها المشروعة وحولتها إلي قوة محركة ودافعة نحو السير علي الطريق الصحيح!

خير الكلام:

<< الاعتدال باب الحكمة والتطرف نافذة التهور!