رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

من القاهرة
5 يونيو

هناك ايام فى التاريخ لا يمكن للبشر نسيانها أو نزعها من زمانها، ليس فقط لأن ما جاء بعدها كان مختلفا عما قبلها، وإنما لأنها تشكل علامة فارقة فى إلهام وتشكيل لأفكار أجيال. بالنسبة لجيلنا الذى جاء إلى الحياة بعد الحرب العالمية الثانية، ولا يزال باقيا فى العشرية الثالثة للقرن الحادى والعشرين فإن يوم الخامس من يونيو 1967 لا يمكن نسيانه، ولايستطيع أحد إزالته. كان اليوم لحظة انكشاف القدرات، والمعرفة بالحدود، وكلاهما مغلف بالفجيعة والحزن. بداية اليوم كانت مرحة فقد كان اليوم الأخير فى امتحانات العام الأول فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فى جامعة القاهرة، فى مادة المجتمع العربي، و مراقبنا فى مخيم الامتحانات بالمدينة الجامعية كان الدكتور العظيم عبد الملك عودة. لم تمض نصف ساعة إلا وكان هناك أصوات هرج ومرج، ونوع من الطلقات المتفجرة والتى علمنا بعدها أنها كانت مضادة للطائرات. أدركنا وقتها أن اليوم المجيد قد حل، وأن التصعيد خلال الأيام السابقة قد جعل إسرائيل تفقد عقلها وتقع فى الفخ! تركنا الخيمة والامتحان رغم الصوت المحذر لأستاذنا وخرجنا من المدينة الجامعية بعد أن باتت البلاد فى حالة حرب. ذهبت إلى بيت جدتى وهناك وجدت الخال غاضبا بشدة وهو يتساءل لماذا تأخروا فى دخول تل أبيب؟

ما بعد ذلك معلوم، ولكننا عرفنا كمصريين أنه لابد من نوعية جديدة من الحياة، وطرق أخرى للحرب المكلفة للعدو فى حرب الاستنزاف، وبعدها فى حرب أكتوبر. وعندما ذهب الرئيس السادات إلى القدس كانت دائرة الحكمة قد اكتملت وعادت الأرض كاملة إلى أهلها. تولدت فرصة كبيرة لبلد يعيش فى سلام ربما لأول مرة منذ ثلاثة آلاف عام. وبدلا من استغلال الزمن الجديد ذهبنا إلى توزيع الثروة قبل أن تأتى، وقيل إن الانفتاح, سداح مداح، ومع اغتيال الرئيس عشنا أزمنة انغلاق جديدة. كان ذلك يونيو من نوع آخر.


لمزيد من مقالات د. عبد المنعم سعيد

رابط دائم: