رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الحوار الوطنى.. طريقنا للتنمية

يستكمل الحوار الوطنى مناقشاته لوضع خارطة طريق لأهم المشكلات والقضايا التى تواجهنا، والتطوير المستحق لجمهوريتنا الجديدة، التى تسعى كل القوى والأحزاب الوطنية إلى تدشين مرحلة جديدة لدفع دماء جديدة فى حياتنا السياسية، وإزالة الشوائب التى علقت بالتجارب السابقة، لنحقق أوسع مشاركة سياسية لكل قضايانا، ووضع معالم المستقبل دون تهميش لأى حزب أو نقابة أو جمعية مدنية، وهى خطوة غير مسبوقة، وجاءت فى توقيت غاية فى الأهمية، حيث يمر العالم بمتغيرات متسارعة، وعلينا أن نواكب تلك المتغيرات، ونفهم ما يمكن أن تنجم عنه، وما يحقق مصالحنا، وكيف نتجنب الآثار السلبية التى يمكن أن تنجم عنها، وكذلك تمر المنطقة العربية بمرحلة هامة، تسعى فيها إلى احتواء الأزمات والمشكلات، والعمل على تقارب الرؤى، حتى يمكن لعالمنا العربى أن يشكل قوة فاعلة على الساحتين الإقليمية والدولية.

وعلى الصعيد الداخلى يمكننا أن نتفاءل بأن كل القوى والتيارات دون استثناء تجتمع تحت سقف وطنى جامع، وتناقش بكل حرية ما تراه من سلبيات، وكيف يمكن تطوير الأداء السياسى والاقتصادى والتنموى، وإجراء التعديلات اللازمة لتجاوز تلك المشكلات، وننتظر أن تتبلور تلك الرؤى من خلال المناقشات وطرحها على نطاق واسع من أجل أن تتحول إلى برامج عمل وقرارات تأخذ طريقها إلى حيز التنفيذ.

تابعت جانبا من المناقشات، واطلعت على أوراق ومقترحات تقدمت بها أحزاب وشخصيات وجمعيات، ومعظمها تقدم مقترحات جادة، ولاحظت وجود كثير من التقارب بين أطروحات تقدمت بها أحزاب وشخصيات مختلفة، وهناك تباينات وخلافات فى نقاط أخرى، وهذه علامة صحية تؤكد الجدية فى الحوار، وأنها تتسم بالشفافية والرغبة الجادة فى تجاوز المشكلات التى نعانى منها، وسعدت بتأكيد الكثير من الأحزاب أهمية التجرد والبعد عن تحقيق مكاسب ذاتية لحزب أو غيره، وأن تسعى كل أطراف الحوار لوضع الأسس اللازمة لإدارة حياة سياسية تتسم بالحيوية والتنوع، وتضع المصلحة الوطنية فوق أى اعتبار آخر، وتبتعد عن التنابذ أو الانتقاد الشخصى، إنما تسعى إلى وضع معايير وخطط وأهداف تضعنا على طريق التقدم والحداثة، وتركزت تلك المقترحات حول نظام الانتخابات وتحسين المناخ السياسى، وتفعيل المحليات، وضمان التنوع الذى يعبر عن مختلف فئات المجتمع المصرى فى مجلسى النواب والشيوخ والمحليات، وتكريس الانتخابات كوسيلة لاختيار أفضل العناصر، وتوفير فرص للأجيال الشابة والمرأة والفئات المهمشة مثل ذوى الهمم، لما لهذا التنوع من فوائد فى التعرف على جوانب مختلفة، وتفاعلها الإيجابى سيحسن من الأداء ويصحح السلبيات أولا بأول.

لقد تمكن الشعب المصرى وقواته المسلحة وأجهزته المختلفة من التعاون والتكاتف فى مواجهة الإرهاب، وتمكنا جميعا من القضاء عليه، وإسقاط مخططاته، رغم التكلفة الباهظة التى تحملها المجتمع بكل فئاته، وانتقلنا إلى مرحلة إعادة البناء على أسس فائقة التطور، ليمكننا تعويض ما فات، واللحاق بركب العصر ومتغيراته السريعة، ولهذا كانت الخطوات واسعة، والتحديات صعبة، والتكلفة باهظة، وما تحقق فى العقدين الأخيرين من مشروعات قومية لم يكن بالإمكان تحقيقه فى تلك الفترة الوجيزة من عمر الشعوب، وأصبح لدينا بنية تحتية تتمتع بمواصفات عالمية، ومدن جديدة ذكية من الجيل الخامس، قادرة على التفاعل الخلاق، وتوفير الوقت، والتمتع بالبيانات السريعة والدقيقة، وتسهيل المعاملات إلكترونيا، بما يوفر الوقت والجهد، والأمان اللازم للفرد والمجتمع، بما يجعلنا نركز على التنمية الصناعية والزراعية والخدمية، واستغلال ثرواتنا أفضل استثمار، ونتمتع بمزايا استثمارية قادرة على اجتذاب أفضل المشروعات وأكثرها تطورا، على أن يكون التعليم مواكبا لسوق العمل واحتياجاته وتنوعه.


ورغم الصعوبات التى سببتها الأزمات العالمية، فإننا نتمتع بميزة فريدة وهى التلاحم الشعبى الذى استطاع تحمل كل الصعاب، وأصر على المضى فى المشروعات القومية، وعلمت أن هذه الروح تميز الحوار الوطنى، الذى يصعب أن تميز توجهات المشاركين فيه إلا بصعوبة، فالجميع يسعى إلى الإصلاح وتجاوز السلبيات، وتطوير الأداء، ويقترح ما يراه النموذج الأمثل، سواء فى توسيع المشاركة الحزبية، وإزالة أى قيود تضيق دورها فى المشاركة، أو تعديل نظام الانتخابات ليكون أكثر تعبيرا عن مختلف الفئات بتنوع توجهاتها السياسية المختلفة، لتثرى مناقشة قضايانا، وتنبه لما قد يغفل عنه البعض، فالآراء المختلفة تضيف وتزيد وتضيء، حتى يكون الأداء أفضل، والحماس ينبض فى عقول وقلوب الجميع، ماداموا شعروا بالمشاركة بالرأى فى وضع الخطط والسياسات.

إننا أمام فرصة استثنائية لنؤكد جدارتنا بعملية تصويب واسعة، تكون بداية انطلاقة لمرحلة سياسية جديدة، نؤكد فيها جدارتنا بتحقيق توافق وطنى واسع على الأسس التى تحقق مصالحنا وأمننا القومى، ولا ضرر من الاختلاف ما دام يستهدف تحقيق تلك المصالح بطرق وأدوات أخرى، ولا ضرر من أن يكون بيننا اختلاف مادمنا اجتمعنا على حب الوطن ومصلحته، ولا عيب من ارتكاب الخطأ أحيانا ما دمنا نتعلم كيف نصوبه بسرعة، وأن نكون أكثر حذرا وأكثر مهارة، فلا أحد يملك الحقيقة المطلقة، ولهذا كان للتنوع فائدته، للاختلاف ضرورته، لكن الفرق كبير بين الاختلاف النابع من الغيرة على الوطن ومصلحته، وبين من يسعون إلى تخريب الوطن بالفتنة والإرهاب، فهؤلاء لا وطن لهم، وجرائمهم ستظل شاهدة على مدى ما ألحقوه بالوطن من دمار وجراح.واتفقت كل الأحزاب والقوى والشخصيات المشاركة على استبعاد هؤلاء، والتبرؤ منهم، وكانت لهذا الاتفاق دلالته على أن كل المصريين الغيورين فى كل الأحزاب والنقابات والجمعيات والشخصيات العامة ينبذون فكر وسلوك تلك الجماعات الإرهابية.

أكثر ما أسعدنى أننى وجدت اقتراحا تتشارك فيه كل الأحزاب والشخصيات والنقابات، فقد اجتمعوا على أهمية الارتقاء بالتعليم فى كل مستوياته، خاصة التعليم الأساسى، وأن ترفع الدولة موازنة التعليم، وتهتم بتطوير أبنية وتقنيات التعليم، وترفع أجور المعلمين حتى تختفى ظاهرة الدروس الخصوصية، ليكون التعليم أهم قاطرة للتنمية المستدامة، لأن الاستثمار فى تعليم الإنسان المصرى سيكون له أعلى مردود على الوطن بكامله، فسيكون لدينا الكفاءات التى تنهض بكل مجالات التنمية والإبداع، وهذا ما تستحقه مصر، والذى ننتظر أن يكون أحد منجزات الجمهورية الجديدة.


لمزيد من مقالات بقلم ــ عـــلاء ثابت

رابط دائم: