أصبح «الربيع» من مصطلحات السياسة عندما حدثت «هبة» من الجماهير التشيكية ضد الحكم الشيوعى عام 1968,انتهت بدخول القوات السوفيتية لكى تنهى ما بات معروفا بربيع براغ (العاصمة التشيكية). ذاع التعبير أكثر مع الهبات الجماهيرية فى عواصم عربية فى مطلع العقد الثانى من القرن الحالى فصار الربيع العربى من المصطلحات التى تدل على هبات جماهيرية استخدمتها الدول الغربية للدلالة على تحرق الشعوب من أجل الديمقراطية. وعندما ركبت التيارات السياسية المتطرفة دينيا الموجة وقادت الدول إلى الخراب والحروب الأهلية والإرهاب غلب الخيال المنطق وبات ذلك دليلا على الفشل الكامن فى المجتمعات. ولم تكن إسرائيل وإعلامها بعيدة عن هذه الرؤى فقد صاحب ذلك الاعتداد الدائم بأن إسرائيل هى الدولة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط. الآن خرجت الجماهير الإسرائيلية كما خرجت فى كل أشكال الربيع وتعدى المتظاهرون 600 ألف متظاهر.
بعد قرابة شهرين من التظاهر ضد الحكومة الإسرائيلية نكتشف أولا أن الجمهور الإسرائيلى لم يجد وسيلة «ديمقراطية» للتعبير عن رفضه سعى حكومة نيتانياهو من أجل إخضاع المحكمة العليا إلى سلطة «الكنيست» سوى الخروج إلى الشارع. وثانيا أن الحكومة سعت إلى ذلك من أجل إحداث خلل جسيم فى التوازن بين السلطة التنفيذية المالكة للأغلبية البرلمانية والسلطة القضائية ومن ثم تمنع اللجوء إلى سلطة عليا فى حالة تجاوز القوانين الأساسية للبلاد. وثالثا أن أصل المسألة هى أن إسرائيل دولة بلا دستور وإنما لديها نوع من القانون أساسى عند إنشاء الدولة قام على توافق مؤقت على علمانية الدولة، وهو ما تريد الجماعة الدينية فى الحكومة أن تغيره بالانتقال من التشريع البشرى إلى «الشريعة» اليهودية. وصل الربيع الإسرائيلى إلى ما وصل إليه الربيع الآخر فى المنطقة. حاليا وافق نيتانياهو بعد أن طرد وزير الدفاع واشتد التظاهر والإضراب على وقف التصويت على قانون التغيير مؤقتا ولكن القصة مستمرة لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة.
لمزيد من مقالات د. عبد المنعم سعيد رابط دائم: