القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الذى تفرَّد بإعطاء الفرح للبشر. صاحبُ هذا القول، الذى لا يدركُ كثير من المسلمين معناه، هو عالم الاجتماع الكبير الراحل جاك بيرك الذى نقل القرآن الكريم إلى الفرنسية. قاله فى سياق الاندهاش من حال العرب الذين يؤمنُ معظمهُم بهذا الكتاب العظيم ولا يدركون معانيه.
عدتُ إلى بعض ما كتبه مؤلفُ بين الضفتين فى لحظة تفكيرٍ فى العلاقة بين المسلمين وخالقهم. فالقرآن، الذى يعطى من يقرؤه بعمقٍ وتأمل شعورًا بالفرح، يُبيَّنُ الطريق الذى يتعينُ أن يسلكه من يتطلعُ لأن ينال رضا الله تعالى وحبه. ما عليه إلا أن يتأملَ الآيات التى يُحدَّد فيها ربُ العالمين من يُحبُهم، وكلُها تبدأُ بقوله عز وجل: (إن الله يحب ...). واجباتُ بسيطةُ جدًا تُقرَّبُ من يقومُ بها إلى الله فيُحبه. بدهى أن يحب الخالق العظيم من تكونُ التقوى بمعناها الأشمل منهجهم فى الحياة. فهو سبحانه يحب المتقين. ولا تكتمل التقوى إذا كنت ظالمًا. لابد أن تكون مُقسطًا، فالله يحبُ المقسطين. ولأن للإحسان مكانةً ساميةً تتجلى فى كثرة ما ذُكر عنه فى القرآن، لابد أن تُحسن بكل ما تستطيع من مالٍ وعملٍ وعونٍ لمن يحتاجه, فالله يحبُ المحسنين.
وضرورىُ حين تفعلَ هذا كله، وغيره، أن تتوكل على الله حين تعزم على أمرٍ بعد أن تفكر فيه وتشاور من يتعين مشاورته. فالله يحبُ المتوكلين. ولأن كل بشرى يُخطئ, ولأن الأخطاء قد تكثرُ، فقد فتح الله لمن يُدرك أنه أخطأ الباب واسعًا للتوبة، وجعلها طريقًا لنيل رضاه وحبه، فقال: إن الله يحبُ التواَّبين. واستخدم صيغة المبالغة ليُطمئن من يسعى لنيل رضاه إلى أنه يقبلُ التوبة عن كل خطأ أو ذنب، بشرط عدم تكراره. فالتواب هو من يتوبُ عن أخطاء متعددة، لا من يُكرر الخطأ الذى تاب عنه. فعندما تتوب بنيةٍ صادقةٍ يُفترضُ ألاَّ تعودَ إلى ما تُبتَ عنه.
فليت من يُكثرون قراءة القرآن فى الشهر الفضيل يعلمون أن فى آياته كنوزًا لا تُفيدُ القراءةُ السطحيةُ فى كشفِها.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: